عندما كنت يافعا، كنت احلم بان أكون لاعبا لنادي الهلال وأن اكون محبوبا مثل على قاقرين …
كان على قاقرين، قدوة لي في ريعان شبابي ،لا لكونه هدافا ماهرا وبطل قوميا ونجما مرموقا …ولكن لأنه كان ايضا ناجحا في حياته الاكاديمية والمهنية، فهو من قلة إهتمت بالتحصيل الأكاديمي وبرزت بشكل جدا متميز باي مستطيل اخضر وطئته قدميه الذهبيتين من أبناء جيله …
كان قاقا ، ذهب سوداني خالص عيار 24 … بالرأس بالقدم اليمنى او اليسرى …
كان هدافا مرعبا ، كان لاعبا فذا ، وإنسانا قلما تجد مثله على وجه البسيطة، لبساطته ، وتواضعه ونقاء سريرته . .على قاقرين ماركة لا تتكرر ،ومهاجم لم يتكرر!
إنسان على قدر عظيم من الأخلاق ونجم أسطورة اثرى الملاعب بأهدافه الرفيعة القيمة،
وطنية كانت او هلالية او حتى ذهبية او حتى نصراوية سعودية …!
عندما عاد من مهمة عمل كدبلوماسي بدولة ساحل العاج، ناشده مجلس إدارة الهلال وقتها للعب مرة اخرى بعد إعتزاله … ولم يتردد، فحب الهلال عنده، أسمى …
وكانت ربما إحدى نعم الله علي شخصيا، أن تدربنا معا وأنا في بداية عهدي بالهلال …
ولن انس انه جلس معي على أرض غرفة اللاعبين حول *حلة الليمون وقتها* ، وقال لي، سيكون لك شان يا رشيد، وهذه بضع نصائح لك ،،،
وكانت اعظم هدية تلقيتها في حياتي الرياضية …
عمد على التأكيد لي بان أهتم بدراستي فهى التي تفتح لي آفاق اخرى كثيرة طيبة وكان حديثه مطابقا لحديث شقيقي الاكبر والذي من الصدف ان زامله بعد 7 سنوات لاحقة بوزارة الخارجية، السفير ابومحمد …
وكنت عندما ازور وزارة الخارجبة، بالمبنى القديم بتقاطع شارع البرلمان مع شارع القصر، اقول ان لي، شقيقان ، الاكبر د. حيدر حسن حاح الصديق، النجم الوطني المحبوب، قاقا ، وشقيقي ابو محمد …
وكان شهودا على ذلك زملائه، ابرزهم سعادة السفير، عبدالمحمود عبدالحليم …
وحينها، قررت في قرارة نفسي ان اكون دبلوماسيا مثله …
لذلك عندما، جاتني فرصة الزمالك المصري، طلبت منهم، ترتيب فرصة الحصول على الشهادة المصرية ومواصلة الدراسة الجامعية وقد كان، ان نجحت في امتحان الشهادة المصرية وتم قبولي بجامعة الزقازيق فرع بنها بقسم الآداب … …
ولن انس ابدا ان اول رحلى لي مع الهلال خارج العاصمة كانت الى مدينة الأبيض عروس كردفان …
وكان بالهلال وقتها نجوم واسماء كبيرة، مصطفى النقر، التاج محجوب وحافظ عبيد والفاتح الريشة ومصطفى سيماوى وعبدالله موسى وعصام سليم وكتم وابراهيم هارون الديسكو واحمد ادم وبقية العقد الفريد …
وصحيح انهم جميعا نجوم كبار، وعلى قدر رفيع من الموهبة، إلا ان على قاقرين نجح في سرقة الأضواء من الجميع باهدافه الرائعة وتحركاته النادرة وحضوره الانيق … فكان الأكبر سنا والأكثر رشاقة والأمتع اداءا …وتوالت الأيام ، وظللنا على تواصل …وذهبت الى مصر وعدت الى الهلال … ودارت الأيام . .
وعندما قررت بعد ان تقدمت لمجلس إدارة الهلال بطلب إخلاء خانتي، قمت بإصدار صحيفة ، الصقر الرياضية الثقافية …
وكان أول قرار إتخذته هو ان يكتب لي الكابتن د. على قاقرين ، عمودا ثابتا … ومعه الكبيرين الفاتح النقر للتحليل وعمار خالد … وقد كان …
وللتاريخ قال لي وقتها، سندعم صحيفتك لانها تمثلنا ولا تفكر أبدا في مكافاتي ولا زملائي، وقد كان …
كان قاقا، أخ كبير حتى قبل توعكه الأخير ، وظل على مدار عقود، يحفظ الود ، ويسبقني بالسؤال عن حالى وأهلي …
كان يغمرتي باعجاب هو تاج على رأسي، وكنت أقول له، أنت الذي تستحق هذا وانت قدوتنا ، وبطلنا القومي وحبيب الكل … كان تواضعه يسبقه في كل إتصال وكلما إلتقينا …علي قاقرين،إسم، وعلم سطر تاريخا خالدا بفضل الله في تراث الوطن لأستثنائيته …على قاقرين Hero ، لأسرته وأهله وزملاءه ولمن يعرف قيمته، ولنا بالهلال وما وراه . . .وهو من تراث نادي النصر السعودي …
وبطل قومي كتب إسمه باحرف راسخة في ذاكرة البلاد …عشقناه مثل الملايين …وعلى مدار عقود …إنسان نادر …
يسبقك بإرسال الدعوات لك كل إسبوع وهو الكبير …متواضع بشكل لا مثيل له …
في غضبه أدب جم وفي إستيائه براءة وطيب نفس … وفي معاشرته، نعمة لمن كانوا حوله …رحل قاقا وترك لنا، إرث حب الخير للآخرين ….
واذكر أنه قد وصلتني دعوة بعد 11ابريل 2019 ، لندوة من إخوة اعزاء، للتشاور حول ترشيح اسماء لمنصب وزير الرياضة بنادي التنس الخرطوم …
وعندما تحدثت، قلت ليس هنالك من يستحق المنصب اكثر من الكابتن، د. على قاقرين، فنلت من الشتائم ما نلت من رجال هم من ابناء الهلال او قل من الوسط الرياضي …
لقد إتهموه “بالكوزنة والعمالة وبأنه أمنجي”… ودافعت عنه ما استطعت … وأشرت فقط الى ان العمل في مجال تخصصك كمستشار لخدمة وطنك في ظل نظام سياسي بعينه لا يعني ، خيانه وان ليس كل موظف بالدولة يؤدي عمله، بالضرورة، ايدولوجيا منظم … وقلت …
قوله تعالى “ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد” . . . وذهبت في حالي …فإتصل بي شاكرا، وشرح لي ما العمل الذي كان يقوم به ، وقلت له، ما ظللت اقوله دائما،
هذا الوطن موبوء بثقافة إغتيال إنسانه ادبيا ، وبتصفية الحسابات عن عمد بتلفيق التهم الجائرة وانت كتاب مفتوح، وقلت له “من منا او منهم لا يعرف تاريخك ولا يعلم بقيمك وخلقك ومهنيتك …”
ولم انجو من الإتهامات مثله وقتها ..وضحكنا ، ومشينا في طريق مقمر . . . . . في حب الوطن …!
قاقا ،
البطل الذي لم يفارقني طوال حياته ،،،
وسيكون بفضل الله معي حتى بعد وفاته في صلواتي …
كان الأخ الأكبر، والصديق النصوح ، كان القدوة … والمثل الأعلى …
ولا زالت كلماته،تدفعني للمضي قدمًا. وتحرك شغفي لخدمة وطننا الأم …
موته أخبرني أن الحياة طريق سريع يمر به الأوفياء المخلصون؛ ليتركوا في قلوبنا أثرًا جميلًا خالدا بفضل الله …
كان د. حيدر ، الكابتن الحبيب على قاقرين:
الصديق الذي كانت مودته كالكوثر العذب لا يغتالها الكدر …
صافي السريرة محض الود لا ملق في لفظه لا ولا في قلبه وضر …
العزاء لأسرته الصغيرة وأسرة نادينا الهلال وللامة جمعاء …
جبر الله كسرنا …
اسال الله العلي القدير الغفور الرحيم ان ينعم عليه من فضله العظيم، بالفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
إنا لله وإنا إليه راجعون . . .




