تأثير الحرب “الروسكرانية” على السودان*.. بقلم /عمار العركي
المتتبع لمسار العلاقات السودانية الروسية والتي بدأت رسميا في 5 يناير 1956- الإتحاد السوفيتي حينها – يجد أن السودان أسس للعلاقة بنظرية تكتيكية قصيرة الآجل.نتيجة لردود أفعال وضغوط سياسية محلية ودولية مثال لذلك قطع السودان لعلاقته مع الاتحاد السوفيتي من طرف واخد ، في ستينيات القرن الماضي علي خلفية طرد وحل الحزب الشيوعي السوداني ، ثم عودة العلاقات علي خلفية الثورة والإنتفاضة السودانية في،ابريل 1985م ،
– عقب انقلاب البشير 1989م والذي تزامن مع بداية النهاية للاتحاد السوفيتي في 1990م ، استمرت العلاقة بذات الوتيرة التكتيكية القاصرة لنظام محاصر ومحارب دوليا علي مدار ثلاثين عاما ، يهرول “لروسيا” الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي،، كلما ضاغط عليه قبضة الحصار والخناق ، وحالما إرتخت القبضة سكنت وهدأت وتيرة العلاقة.
– روسيا من جانبها خلال حقبة التسعينات كانت منكفئة على نفسها لم تكن في وضعية تمكنها من توفير الدعم والمساعدة لنظام البشير الاسلامي المتطرف ، حتي مطلع العام 1919 م – عام التغيير والثورة السودانية علي،نظام البشير – والذي شهد تدشين الحضور الروسي والانفتاح علي افريقيا من خلال القمة الروسية الافريقية بمدينة سوتشي والتي،حضرتها تقريبا كل الدول الأفريقية حيث تم توقيع عدد من الاتفاقبات بقيمة 12.5 مليار دولار كان للسودان نصيب منها.
– الشاهد في الامر بأن فترة العشر سنوات الاخيرة كانت روسيا تنظر للسودان من زاوية إستراتيجية
أملتها مصالحها وتحالفاتها السياسبة الاقتصادية في المنطقة مثال ( افريقيا الوسطي – البحر الاحمر ) فكان السودان إحدي وسائلها المهمة في تمكين حضورها ونفوذها في افريقيا.
– بالتالي ، نجد ان السودان لم بستثمر هذه الميزة بما يحقق مصالحه وذلك بحسب ما اشرنا واوضحنا (قصر النظر الإستراتيجي لصالح النظر التكتيكي المؤقت) ، والذى أطفأ عليه صراع السلطة المدنية والعسكرية بعُدا جديدا تشكل وتبلور قبل يومين او ثلاث من اعلان روسيا الحرب علي أوكرانيا، وذلك من خلال زيارة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني لروسيا والتي أثارت جدل واسعا على المستوى الإقليمي والدولى.
– بغض النظر عن اختلاف الأراء حول تلك الزيارة والتى جاءت مشابهة لزيارة ” تكتيكية” قام بها للرئيس المعزول عمر البشير من حيث الظروف والضغوط المحيطة ، يرى كثير من المراقبون بان السودان في كل الاحوال لن يجني ثمار حقيقة ويحقق مصالحه الإستراتيجية جراء تأييده ودعمه لروسيا في حربها مع أوكرانيا ، فروسيا تدرك جيدا بأن مواقف وردود افعال السودان المعلنة “تكتيكية ولحظية” تبدر من احد،اطراف السلطة والحكم في السودان. – المكون العسكري – وأن تلك المواقف تتأثر وتزول بزوال الظروف والضغوط،التي أملتها ”
– عليه وفي حال انتصار روسيا لن يستفيد السودان من موقفه المؤيد لها ، فروسيا ستخرج من الحرب منتصرة وتزداد سطوتها ونفوذها ولن تتعاطي مع السودان في ظل السلطة الحالية التي تعاني من خلافات سياسبة داخلية وتجاذبت خارجية مما اوجد ضعف وتردد وعدم وضوح فى علاقاتها الإستراتيجية ، فستعمل روسيا المنتصرة بقوة في ايجاد “سلطة موالية حليفة وموثوقة” في الخرطوم ، وبالتالي سيشتد التسابق والتنافس الدولي والتدخل في السودان ولربما تلجأ روسيا الى تطبيق سناريو اوكرانيا الناجح ” تحقيق المصلحة بالقوة.العسكرية ” كما حدث ويحدث في سوريا وافريقيا الوسطي..
– اما حال هزيمة روسيا وتحطم آمالها في النفوذ والتوسع الإقليمي والدولي ، فسيكون السودان فى مرمي نيران أعداء روسيا ومنافسيها الدوليين وفي وضع شبيه بما كان عليه بعد تأييد صدام حسين في اجتياحه للكويت ووضعه عقب هجمات سبتمبر 2003م فى امريكا،
– نخلص الى أن السودان ظل علي مدار ال 34 سنة الماضية يدفع ثمن ” اعلان مواقغه حيال القضايا الدولية الكبرى” على عجل وبدون تروي ودراسة استراتيحية تفترض ردود الأفعال والسناريوهات المتوقعة ، وحساب الربح والخسارة في ميزان المصالح القومية العليا الدائمة ، وليس ميزان.مصالح السلطات او الحكومات المؤقتة والانتقالية قصيرة الآجل ، عليه وفي ظل هذا الوضع المعقد ، من الأنسب والأجدى للمجلس السيادى – ان لم يكن قد فعل – بأن يعطي الجهات الإستراتيجية المختصة والخبراء والفنيين ومراكز الدراسات بابداء الرأي والمساعدة فى التعامل مع أخطر ملف ستترتب عليه تطورات وتحولات كونية .