مقالات

سناء الباقر تكتب: (الفردوس المفقود.)، وذكرى ضياع غرناطة

نزلت شطك بعد البين ولهانا

فذقت فيك من التبريح ألوانا

وسرت فيك غريبا ظل سامره

داراً وشوقاٍ وأحباباً واخواناً

فلا اللسان لسان العرب نعرفه

ولا الزمان كما كنا وما كانا

ولا الخمائل تشجينا بلابلها

ولا النسيم سقاه الطل يلقانا

ولا المساجد يسعى في ماذنها

مع العشيات صوت الله ريانا

كنا نمر ونحن في المراحل الدراسية على قصيدةالشاعر الأديب رئيس وزراء السودان الاسبق محمد أحمد المحجوب كنا نمر عليها مرور الكرام وقد لا تثير فينا ما أثارته فينا بعد اكتمال النضج وفهم ماكانت تكنه نفسه من لهفة وشوق وحنين لمجد للعرب والمسلمين قد دانت له الدنيا سابقاََ لكنه تلاشى وأفل في الاندلس على حين غفلة.

قبل ايام  كنت حضورا في محاضرة أقامها الملتقى العلمي العربي للعلوم الإنسانية تحدث فيها الدكتور محمد نايف العمايرة عميد كلية العلوم الإنسانية بجامعة مؤتةبعنوان:(سقوط المدن الأندلسية بيد الأسبان) وتملصها من بين أيد المسلمين واحدة تلو الأخرى.  أكثر من أربعين مدينة فقدها المسلمين في الأندلس (اسبانيا الحالية) كانت حرية بصاحب الفردوس المفقود محمد أحمد المحجوب وبنا ان نبكي المجد الذي فقدناه لأسباب لا ترقى لأهمية ما فقد المسلمون فقد كانت من أهم الأسباب التي أدت لفقدانهم هذا الفردوس، التمسك بالسلطة والتشبث بكرسي الحكم ،وربما كان السبب الثاني هو الخلافات الداخلية ومعاونة العدو الاجنبي على بني جلدتهم.

كانت غرناطة آخر معاقل المسلمين وأهم المدن التي فقدوها. وقد تحالفت الملكة ايزابيل مع الملك فرناندو، وهناك قصة تروى عن هذا السقوط وهذا التحالف بين الاثنين، حيث طلبت ايزابيلا من فرناندو الذي كان يحبها مهراً لها طرد آخر مسلم من الأندلس. فتم لها ما ارادت بالاستيلاء على غرناطة وخُيّر المسلمين بين التنصير والتهجير وترك كل ممتلكاتهم، فاختاروا التنصير على مضض ولكنهم اضمروا الاسلام. ولكن كشف امرهم وانتشرت محاكم التفتيش وعذب من اكتشف اسلامه عذابا شديدا.

ولما القيت محاكم التفتيش ستينيات القرن الماضي أعلنت أكثر من خمسة آلاف أسرة اسلامها مباشرة وهذا ان دلّ على شئ فإنما يدل على الكبت الذي عانى منه المسلمون خلال تلك الفترة المظلمة بعد فقدانهم ملكهم في غرناطة .

مرت علينا قبل أيام قليلة  في الثاني من يناير القادم ذكرى مرور 533 عاماََ على نكبة سقوط غرناطة في العام 1492 وتسليمها لاسبانيا وفقد العرب لها.

تمر علينا هذه الذكرى التي يحتفلون بها ويبكي لفقدها كل عربي _مسلم كما بكاها المحجوب في قصيدته العصماء، الفردوس المفقود.

لم تسقط غرناطة وحدها ولكنها كانت النكبة الكبرى . فُقدت قبلها اكثر من أربعين مدينة هي على سبيل المثال لا الحصر.:

الجزيرة الخضراء __باجة_بريشتر _برشلونة__بطليوس_بلنسية __جبل طارق _دانية_سرقسطة__سمورة_طليطلة_قرطاجة_قرطبة_قلعة ايوب. وغيرها الكثير من المدن الساحرة.

فهل نتعظ ونتدبر ونحافظ على عالمنا الاسلامي والعربي ونتدارك ما يمكن تداركه؟

زر الذهاب إلى الأعلى