العزلة الدولية و حرمان السودان من القمة الأمريكية الإفريقية 12_15 ديسمبر الجاري
تنعقد حالياً بواشنطن و خلال الفترة من ١٢ إلى ١٥ ديسمبر الجاري القمة الأمريكية الإفريقية ٠
و سبق أن صرح الرئيس الأمريكي بايدن أن القمة تظهر التزام الولايات المتحدة تجاه إفريقيا، وتؤكد على أهمية العلاقات بين بلاده وإفريقيا، وزيادة التعاون بشأن “الأولويات العالمية المشتركة”.
وأضاف أن القمة تساعد في تعزيز المشاركة الاقتصادية الجديدة، والالتزام المشترك تجاه الديمقراطية وحقوق الإنسان، تعزيز الصحة الدولية و الإقليمية، الاستجابة للتغير المناخي، و دعم الأمن الغذائي ٠٠٠
كبير مستشاري مجلس الأمن القومي لهذه القمة بانكس ، صرح في مؤتمر صحفي بأن الأجندة تشمل تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا. كما سيوفر التجمع فرصة لتعزيز تركيز إدارة بايدن على التجارة والاستثمار في إفريقيا، وتسليط الضوء على التزام أمريكا بأمن إفريقيا وتطورها الديمقراطي ٠٠وبحسب بانكس فإن بايدن دعا 49 زعيماً أفريقياً، من جميع حكومات شمال إفريقيا، وجنوب الصحراء و”استثنى أربع دول، هي السودان، بوركينا فاسو، غينيا ومالي”. نسبة لتعليق الاتحاد الأفريقي لعضويتها ٠
استبعاد السودان عن المشاركة في قمة أمريكا وأفريقيا، لم يكن مفاجئاً ، إذ أن الاتحاد الأفريقي صاحب التنسيق المباشر مع واشنطن للقمة، قد علق عضوية السودان منذ انقلاب الخامس والعشرين في أكتوبر من العام الماضي، وتبعاً لذلك علقت كل مشاركات السودان ذات الصلة بالاتحاد الأفريقي أو تلك التي يرتب لها أو تتم الدعوات عبرها للدول الأعضاء،٠
و لعل أهم محفل أمريكي أفريقي لم يشارك فيه السودان،
الدورة 14 لقمة الأعمال الأمريكية الإفريقية والتي انعقدت في المغرب يوليو الماضي حول فرص تعزيز العلاقات الصناعية والتجارية والاستثمارات بين أفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وتميزت هذه القمة بمشاركة مسؤولين كبار في الحكومة الأمريكية، ومسؤولين من 50 بلد إفريقي، بينهم 6 وزراء خارجية وأكثر من 20 وزيرا إفريقيا من مختلف القطاعات الحكومية، والوكالات الحكومية الأمريكية والإفريقية، وصناديق الاستثمار والمنظمات الدولية والإقليمية.
وبلغ العدد الإجمالي للمشاركين في هذه القمة 1500 مشارك، يمثل القطاع الخاص الأمريكي والإفريقي نسبة 80 % من بينهم، كما شكلت النساء 40 % من العدد الإجمالي للمشاركين. وتوزعت أشغال المؤتمر على 37 جلسة عالجت قضايا السيادة الصحية والغذائية، والابتكار، والتكنولوجيات الجديدة، والطاقات المتجددة والتقليدية والبنيات التحتية. وتمت تغطية هذا الحدث من قِبَلِ أكثر من 200 صحافي يمثلون مختلف وسائل الإعلام الأمريكية والإفريقية.
ومن بين نتائج هذه القمة، التي عرفت مشاركة 450 فاعل اقتصادي أمريكي بينهم فايزر وفيزا وشيفرون وكوكا كولا و قوقل، بالإضافة إلى مجموعات إفريقية كبرى ٠و قد أسفر هذا المحفل عن ربط 5000 من قطاع الأعمال في القطاعين الخاص و العام، وتوقيع العديد من الاتفاقيات التجارية بين الفاعلين الاقتصاديين المشاركين في القمة
و لعله من المؤسف غياب السودان من هذه القمة الاقتصادية الأميركية الأفريقية، على الصعيد الحكومي و قطاع الأعمال و ضياع هذه الفرصة للقاء ممثلين للدولة ،و ربط قطاع الأعمال السوداني مع رصيفه الأمريكي و للترويج لفرص الاستثمار خاصة في مجال الأمن الغذائي ٠٠و الاستفادة من التقنية الأمريكية المتقدمة في القطاع الزراعي و الصناعي و الخدمي ٠٠و أهم من ذلك أن السودان يذخر بموارد و فرص استثمارية تفوق نطيزاتها في كافة الدول الأفريقية الأخرى ٠٠
العزلة الدولية و الإقليمية التي يعاني منها السودان منذ انقلاب اكتوبر، حرمت السودان كذلك من المشاركة في عدد من المحافل الدولية و الإقليمية، بدأت بعدم مشاركته في مؤتمر القمة الأفريقية في دورتها الخامسة و الثلاثين٠٠٠مثلما غاب تماما في عهد الإنقاذ من المشاركة في اول قمة أمريكية إفريقية بواشنطن عام ٢٠١٤،بسبب العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على السودان عام ١٩٩٧ ٠ و بالمثل حرم السودان من القمة المنعقدة حالياً بواشنطن بسبب انقلاب ٢٥ اكتوبر ٠٠
و لعل التاريخ يعيد نفسه، فقد منع الرئيس ساركوزي البشير من المشاركة في اول قمة إفريقية فرنسية بمدينة نيس،عام ٢٠١٠، و شارك السودان بوفد على مستوى وزاري٠٠َ كان ذلك بسبب مذكرة التوقيف الدولية في حق البشير ٠و كان من المقرر أن تنعقد في شرم الشيخ، الا ان مصر رفضت بسبب عدم دعوة البشير ٠٠٠٠كما لم تتم دعوة البرهان للمشاركة فى القمة الأفريقية الفرنسية في مدينة مونبلييه في فبراير من العام الحالي، و بمثلما حرم البشير من مؤتمر للفرانكفونية٠٠٠٠ الذي يشارك فيه السودان بصفة مراقب، في مدغشقر عام ٢٠١٨ ، لم تتم دعوة البرهان إلى نفس المؤتمر الذي انعقد في نوفمبر الماضي في جزيرة جربة المغربية٠
و توالت انتكاسة مكتسبات ثورة ديسمبر في غياب السودان أيضا من قمة أوربا أفريقيا في بروكسل في فبراير الماضي ٠
. و التي أعلنت عن استثمار بين إفريقيا وأوروبا بقيمة لا تقل عن 150 مليار يورو والتي تلبي الطموح َ المشترك بحلول عام 2030 وأجندة 2063 للاتحاد الأفريقي، المكونة من حزمة الاستثمار والصحة والتعليم. ستساعد حزمة الاستثمار هذه في بناء اقتصادات أكثر تنوعًا وشمولية واستدامة وصمودا. كما تهدف حزمة الاستثمار العالمية هذه إلى تعزيز الاستثمار العام والخاص بناءً على المبادرات والشراكات القائمة.
و تهدف حزمة الاستثمار العالمية هذه إلى تعزيز الاستثمار العام والخاص بناءً على المبادرات والشراكات القائمة٠٠٠ أكد البيان الختامي للقمة تمسك الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي بـ “احترام المبادئ الديمقراطية والحكم الراشد و دولة القانون” وحماية حقوق الإنسان.٠٠
لم تكن مالي وبوركينا فاسو وغينيا والسودان ممثلة في بروكسل بسبب تعليق الاتحاد الأفريقي عضويتها بعد الانقلابات.
ختاماً نأمل أن تفضي التفاهمات الجارية بين المكون العسكري و المكون المدني إلى التوقيع النهائي على الاتفاق، و تشكيل هياكل السلطة المدنية، و الي وضع حد لهذه العزلة الدولية و الإقليمية و تطبيع علاقات السودان مع المؤسسات المالية الدولية متعددة الأطراف و إعادة مسار إعفاء الديون، و تحقيق استقرار الأوضاع السياسية والأمنية و المجتمعيةو التعافي الاقتصادي المنشودة في سبيل خدمة البلاد و العباد ٠