Uncategorized

الفريق أول ركن محمد بشير سليمان يكتب: الإدارة الأهلية من الاستقطاب إلى الصراع .. وقاصمة الظهر

نعلم جميعا هشاشة المجتمع السوداني ضعفا في الروابط الاجتماعية ، والتربية الوطنية ، وتأثيرات العوامل السالبة ، من جهل ، وجهوية ، وعنصرية ، وتقاطعات ثقافية ، وحقد وكراهية مجتمعية ، وقصور في التنمية غير العادلة بين الأقاليم في كافة مجالاتها ، وتسلط سلطاني غير راشد ، وغير جدير بحكم نفسه . متكاملة مع أسوأ منهج وطني ، دفعت في اتجاه عدم القبول بالآخر ، ومفاهيم حزبية سياسية بئيسة وغير حميدة ، ارتماء في احضان أعداء السودان . أدت جميعها لضعف وهشاشة الدولة السودانية . هذا مع إدراك المواطن بأن الذي يتم ، لا يتوافق وما ينشده من آمال وطموحات وطنية ، لتنتج كل هذه أخطر مهددات الأمن القومي السوداني ، تهديدا لوحدة السودان ، وبقائه .

 

في ذلك كان العشم في الادارة الأهلية بحكم انفتاحها القومي على كافة المجتمع السوداني ، وما تتصف به من هيبة سلطانية ، وحكمة ، ورؤى مدركة للمآلات بكافة انواعها ، ومن خلال بعدها القومي غير المتأثر ، أو المتعاطي للسياسة ، (كانت ) ..أن تكون الحصن الحصين الذي يحمي المجتمع السوداني ، بل الدولة من مخاطر وتداعيات الفعل السياسي المختل ، وغير الراشد . ولكن (أصبح) ظننا فيها في حالة (كان) متوقفا في ماض لا يفيد من خلال افرازات واقعها المبكي ، والفاضح، واللا قيمي الماثل الآن ، حتى في مجال الدين والمعتقد حيث وللأسف تناسى أولئك ، او أنستهم مغريات المال ، والدعم اللوجستي ، واركاب الطائرات ، وغيرها ، فضائل ما كانوا عليه من قيم نعتز بها ، اغواء ، ليبيع البعض من رجالات الإدارة الأهلية قيمهم ، ورقي .. مبادئهم .. في أسوأ سوق نخاسة سياسية ، وسلطانية . دون ان يدركوا كم ، وكيف ينعكس ذلك سلبا في أبعاده الوطنية ، والأخلاقية ، تأثيرا حتى على بقاء الوطن ، حيث استهداف التفكيك الذي يخطط له الأعداء .

 

* آذا كان البعض على قلته من خائبي وخائبات ، وخونة الوطن من عملاء الدول ، والسفارات ، ووكالات المخابرات الاقليمية والعالمية قد دخل باب العمالة الوطنية من أوسع أبوابه ، وبسعي لاهث لاعادة استعمار السودان مرة أخرى ، وبمنهج تدميري للاخلاق ، والقيم ، والمثل العليا ، تحسب له من سبق من الوطنيين الأخيار ، ولا أحسب أن يفعله من يأتي لا حقا .. إلا ان الخيبة الوطنية الكبرى تكمن أن يقتحم البعض من رجال الإدارة الأهلية وفي أكبر انتكاسة قومية أبواب السفارات ، والسفراء الاعداء من ذات باب العمالة ، الذي لا توجد دولة الآن تحكم السودان لتغلقه ، لترتع السفارات ، ويتجول سفراؤها في أرض السودان الضائع كما يخططون ، ودون وجود حتى ما يعرف ب (الكفيل) ليمنع ، ويوقف ، ويطرد المعتدين على حرمة الوطن ، ولا أدري أذلك عمالة ايضا ، أم خوفا منهم وبحسبانهم المستعمرين الجدد الذين يجوز لهم أن يسرحوا ويمرحوا في وطن ، لا توجد فيه دولة او تحس فيه بسلطة الدولة ترهب وتقهر الأعداء ، والمتطاولين ، في ما كان غير مطلوب من ان يزيد ردع هؤلاء عن قول كلمة (كر) للأسف ، التي قالها من سبقونا (للباشا) عزة ، وشرفا ، وهي كلمة تقل عن وصفهم . في بلد قائم على عزة الدين وتاريخه الوطني كرامة ونخوة. ولعل المفيد للإدارة الأهلية ذكرى ، واستماعا ، ان تعلم أن قادتها الذين مضوا ، هم الذين أعلنوا استقلال السودان ، وأيدوه من داخل البرلمان.

 

بالرغم من حالة الوطن المحزنة ، والضعف القاتل ، وكثير من الهوان الذي أدي اخترق اجساد النفعيين من الإدارة الأهلية إليه ، فأصبحت مطية للاستغلال السياسي وبدرجة منكرة ، أدت إلى ان يستقوي بها كل من (شم صناح السياسة) ، تدميرا لهذه المؤسسة القومية ، والتي كان الأمل فيها أن تكون بتاريخها وارثها صماما لأمن السودان ووحدته ، تدفعهم الشئون الوطنية ، كما كانت في سجل الماضي والحديث من تاريخ السودان ، إلا أن قاصمة الظهر التي جاءت عنوانا لهذا الحديث ، تتمثل الآن في تحول الاختلاف داخل الإدارة الأهلية إلى صراع بين مكوناتها ، تجاوزا إلى حشد المناصرين ، كل ضد الآخر ، مع ولاء لمن لا يرعون في حق الوطن إلا ولا ذمة .. وذلك ما يتطلب الانتباه والحذر من كافة السودانيين ، وبأسبقية الذين صمدوا ، وقاوموا كل المغريات من قادة الإدارة الاهلية حفاظا على النسيج السوداني الاجتماعي . وقيمه دينا ، ووطنا ، وأكدوا رفضهم لاستهداف القوات المسلحة ، التي يعني استهدافها استهدافا للوطن وبقائه ، ولهؤلاء وغيرهم من الذين أدركوا الحقيقة ، وحجم المؤامرة الاستعمارية ، وقرروا المراجعة ، اقول .. لابد من تقديم مبادرة لاعادة الإدارة الأهلية لماضيها القومي ، والوطني ، وبما يمكنها من إداء دورها القومي المفقود الآن . تحت شعار (نعم لقومية الإدارة الأهلية .. ولا لتسييسها ) .. حفاظا على هذا الوطن الذي يسير نحو الهاوية ، ودون ذلك .. فلا إدارة أهلية ، ولا وطن ..
والله الموفق .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى