انقلاب25 اكتوبر، و الإنتكاسة في علاقات السودان الدولية
لم يكن حرمان السودان من الدورة ٣٦ للقمة الإفريقية مفاجئا لاحد٠٠٠فمنذ تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، تم حرمانه من المشاركة فى اى فعالية ينظمها الاتحاد الأفريقي أو تتم الدعوة للاتحاد للمشاركة في اي محفل دولي أو إقليمية٠٠٠و ذلك في أعقاب انقلاب ٢٥ اكتوبر من العام الماضي ٠٠٠
و هذه هي المرة الثانية منذ الانقلاب يتم حرمان السودان الذي غاب عن الدورة ٣٥ في فبراير من العام الماضي ٠٠
و قد بذلت السلطة العسكرية جهودا مضنية خلال الايام السابقة لإنهاء تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي بهدف المشاركة في الدورة ٣٦ا للقمة الافريقية المنعقدة يومي السبت والأحد هذا الأسبوع في أديس أبابا،،، ولكن باءت جهوده بالفشل.
فقد اجرت وزارة الخارجية اتصالات مكثفة وبعثت الوزارة بوكيل وزارة الخارجية السودانية دفع الله الحاج الى اثيوبيا والتقى بممثلي جنوب أفريقيا وتونس وناميبيا وزيمبابوي في مجلس الأمن والسلم والأفريقي وكذلك بوزير الدولة في وزارة الخارجية الإثيوبي مسقانو أرنقا، حيث دعاهم إلى رفع تجميد نشاط السودان في الاتحاد الأفريقي، و لعل ذلك كان استنادا علي الإتفاق الإطاري ٠
و قد صرح موسي الفكي و بلعيش ان استعادة عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي رهينة باستعادة التحول الديمقراطي و السلطة المدنية، فضلا عن أن مع السودان ثلاث دول أفريقية أخرى حرمت بسبب الانقلابات فيها٠
و لعل التاريخ يعيد نفسه، مع الحكم العسكري في السودان ٠٠٠ففي عام 2010 إبان ولاية الرئيس الفرنسي ساركوزي، لم تقدم فرنسا الدعوة للبشير للمشاركة في القمة الفرنسية الأفريقية في مدينة نيس، و التي كان من المفترض ان تنعقد في شرم الشيخ الا ان مصر اعتذرت نسبة لحرمان السودان من القمة بسبب مذكرة التوقيف الدولية في حق البشير ٠
مثلما لم تقدم الدعوة للبرهان في مؤتمر القمة الفرنسي الأفريقي المنعقد في مدينة مونبلييه الفرنسية في أكتوبر عام 2021
كذلك الحال بالنسبة للقمة الأوروبية الأفريقية، و كما غاب السودان ابان نظام الإنقاذ البائد من هذه القمة التي انعقدت في أبيدجان عام 2017.
لم تتم الدعوة للسودان للمشاركة في القمة السادسة المنعقدة في بروكسل في فبراير 2022حيث اطلقت الدول ال 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي استراتيجيتها العالمية للاستثمارات و التي لا تقل عن 150 مليار دولار علي سبع سنوات للمساعدة في المشاريع التي يريدها الأفارقة٠
وضع الاتحاد الأوروبي ونظيره الأفريقي أسس “شراكة متجددة” مع مساعدة لإنتاج لقاحات ضد كوفيد في أفريقيا واستراتيجية استثمارات بقيمة 150 مليار يورو للتصدي للنفوذ الروسي والصيني.
و بالمثل مثلما حرم السودان من المشاركة في اول قمة أمريكية أفريقية في أغسطس عام ٢٠١٤، في عهد الرئيس أوباما ،
غاب السودان من القمة الأمريكية الإفريقية ديسمبر ٢٠٢٢ في واشنطن بدعوة من الرئيس بايدن ٠٠الذي صرح بأن القمة تساعد في تعزيز الشراكة الاقتصادية الجديدة و تؤكد على اهتمام العلاقات مع أفريقيا و زيادة التعاون بشأن الأولويات العالمية المشتركة ٠
كما سجل السودان غيابا ابان الدورة 14 لقمة الأعمال الأمريكية الإفريقية والتي انعقدت من يوم يوليو 2022 بمراكش المغربية حيث تركزت المباحثات حول تعزيز العلاقات الصناعية والتجارية والاستثمارات بين إفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وتميزت هذه القمة بمشاركة مسؤولين كبار في الحكومة الأمريكية، ومسؤولين من 50 بلد إفريقي، بينهم 6 وزراء خارجية وأزيد من 20 وزير إفريقي من مختلف القطاعات الحكومية، والوكالات الحكومية الأمريكية والإفريقية، وصناديق الاستثمار والتقاعد، والمنظمات الدولية والإقليمية.
وبلغ العدد الإجمالي للمشاركين في هذه القمة 1500 مشارك، يمثل القطاع الخاص الأمريكي والإفريقي نسبة 80 % من بينهم، كما شكلت النساء 40 % من العدد الإجمالي للمشاركين. وتوزعت أشغال المؤتمر على 37 جلسة عالجت قضايا السيادة الصحية والغذائية، والابتكار، والتكنولوجيات الجديدة، والطاقات المتجددة والتقليدية والبنيات التحتية. وتمت تغطية هذا الحدث من قِبَلِ أكثر من 200 صحافي يمثلون مختلف وسائل الإعلام الأمريكية والإفريقية.
ومن بين نتائج هذه القمة، التي شارك فيها 450 فاعل اقتصادي أمريكي بينهم فايزر وفيزا وبروكتر أند غامبل وشيفرون وكوكا كولا وغوغل بالإضافة إلى مجموعات إفريقيا كبرى، كونها أسفرت عن ربط 5000 اتصال أعمال وتوقيع العديد من الاتفاقيات التجارية بين الفاعلين الاقتصاديين المشاركين في القمة. و لعلها كانت فرصة طيبة للتبشير بآفاق الاستثمار في السودان مشاركة فاعلة للقطاع الخاص، و لكن انقلاب ٢٥ اكتوبر هو الذي حال دون ذلك ٠٠
و تواصل غياب السودان من المحافل الدولية و الإقليمية، و كأن التاريخ يعيد نفسه كما سلف القول، فمثلما غاب في عهد الإنقاذ عن القمة الفرنكوفونية٠٠٠ و التي ظل السودان يشارك فيها بصفة مراقب ٠٠لم تتم دعوة السودان للمشاركة في هذه القمة التي انعقدت في جزيرة جربة التونسية في 19 نوفمبر عام2022٠
و لعلها كانت فرصة طيبة للتبشير بآفاق الاستثمار في السودان مشاركة فاعلة للقطاع الخاص، و لكن انقلاب 25 اكتوبر هو الذي حال دون ذلك ٠
و تواصل غياب السودان من المحافل الدولية و الإقليمية،
فقد غاب عن قمة الغذاء الغذاء الأفريقية الثانية التي انعقدت في السنغال في 27 يناير 2023 و التي التزم ابانها شركاء التنمية على تخصيص 30 مليار دولار من أجل دعم عزم القارة على تعزيز الإنتاجية الزراعية وتصبح سلة غذاء للعالم. ومن بين الشركاء المانحين في التنمية، البنك الأفريقي للتنمية الذي يعتزم المساهمة بمبلغ 10 مليارات دولار على مدى خمس سنوات، والبنك الإسلامي للتنمية الذي يعتزم تقديم 5 مليارات دولار. فمن يا تري من بين الدول المشاركة في هذه القمة أكثر قدرة علي المساهمة في درء ازمة الغذاء العالمية من السودان!!!؟؟؟؟؟؟
و بكل أسف، غاب السودان عن قمة طوكيو للتنمية الدولية تيكاد التي انعقدت في تونس في أغسطس 2022، بمشاركة مسؤولين ورجال أعمال ومنظمات دولية وقادة من 48 دولة.
الرئيس التونسي قيس سعيد قال في خطابه امام الحضور أن ((واجبنا اليوم أن ننظر في الأسباب الحقيقية التي أدّت لهذه الأوضاع لقارّتنا المليئة بالخيرات والتي من المفارقات أن مؤشرات الفقر والبؤس فيها متفاقمة)) ٠٠
بدوره، أعلن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في كلمة عن بعد خلال فعاليات القمة، أن ((القطاع العام والخاص في اليابان سيعمل على تقديم دعم للدول الإفريقية حوالي 30 مليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة)) يهتم هذا الدعم بمجالات عدة من بينها النمو الأخضر والصحة والتعليم والموارد البشرية والزراعة والتشجيع على الاستثمار خاصة بالنسبة للشركات الناشئة ٠
قمة “تيكاد” ملتقى متعدد الأطراف يضم اليابان والبلدان الإفريقية والمنظمات الدولية، والبلدان الشريكة في التنمية والمؤسسات، حيث تم خلاله هذه القمة عرض 82 مشروعًا بقيمة تبلغ 2.7 مليار دولار.
ويشارك بالقمة 300 رجل أعمال، 100 منهم من اليابان يمثلون أكبر 50 مؤسسة اقتصادية يابانية وعالمية، و100 رجل أعمال أفارقة،
ومن بين المشاركين أيضا وفود عن البنك الإفريقي للتنمية ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدّولي والاتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة.
ومنذ 1993، بادرت اليابان بتنظيم مؤتمر “تيكاد” بهدف تسريع الحوار السياسي بين مختلف القادة الأفارقة وشركاء التنمية، حول التحديات التي تجابه القارة٠
ختاماً، فقد قامت البعثة الدائمة للسودان في الأمم المتحدة بجنيف،بعد الثورة بتحريك ملف انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية و الذي كان يصطدم باعتراض عدد من الدول الغربية و على رأسها الولايات المتحدة، إبان نظام الإنقاذ ، إلا أن الانقلاب علق هذه الجهود، و ما برح السودان يسجل غيابا في منظمة التجارة العالمية، مثلما علقت عضويته في مجموعة الشراكة بين الاتحاد الأوروبي و مجموعة الدول الأفريقية الكارببية الباسيفيكية المعروفة EU_ACP بسبب عدم تعاون السودان مع المحكمة الجنائية الدولية، و ذلك بامتناعه عن التوقيع على تعديلات اتفاقية كوتونو في اوقادوقو، بوركينا فاسو، في عام 2010، حيث صادف هذا التاريخ مذكرة التوقيف الدولية في حق البشير ٠