تعقيب إلى صديقي خالد معروف
تحت عنوان ( الحمدلله الذي رد الكوده إلى الحق رداً جميلا ) كتب الأخ الصديق خالد معروف مقالاً مطولًا بتاريخ ٢٨ / فبراير يحتفي فيه بعودتي إلي الحق ،والمهندس خالد معروف ،معروفٌ بدفاعه عن الحق في الساحة السياسة مذ كان طالبًا بجامعه الخرطوم ولا يحتاج مني لتقريظ أما علي الصعيد الشخصي فقد خبرته وعجمت عود صِدْقِه فكان ولازال اخاً كريماً لم تلده أمي وقد اتفقنا في نقدنا لتجربة الحركة الإسلامية بموضوعية في حواراتنا الخاصة بأكثر مما نختلف ، وأرجو أن أذكره وهو سيد العارفين أن الحق كقيمة ليس حكراً لجماعة المسلمين ، فالحق قيمة إنسانية مطلقة ، يتحراه الإنسان في كل تفاصيل حياته يُصيبه حيناً ويخطئه حيناً آخر ، تعجبني حكمة الإمام علي كرم الله وجهه ( أعرف الحق تعرف أهله )الإنسان السوي في حالة دائمة من التمحيص لمعرفة الحق ،وينبغي ألّا يهمه أين تقف المؤسسة التي ينتمي إليها أو أين يقف الرجال الذين يتفقون معه حول فكرة ما ، الحق أحق أن يتبع وهو عملية فكرية يعيشها الإنسان وحده ليميز بها الخبيث من الطيب ، أما الحق المطلق فهو الله جل جلاله والذين من دونه عباداً أمثالنا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ومن خلفهم مهما كان قدرهم ، فنحن يا خالد أخوي من الانفس التي قال فيها المولي (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ) ولذلك فالحركة الإسلامية ليست حقاً مطلقاً ولم يقل أحد منهم بذلك ، إنما هي حاضنة إجتماعية تتحري الحق وليس بالضرورة أن تصيبه دوماً وربما يصيبه الكافر احيانا (موقف الرسول من حلف الفضول والمسلم معرض للفتنة كما الكافر (وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) وحركة الإسلام من لدن المصطفى( ص ) التزمها من زادها خبالاً وفساداً ، وهذه سنة لا تجد لها تبديلاً ، والتاريخ خير شاهد علي ذلك ( فلا تزكوا أنفسكم ) وما نحن الا دعاة لمكارم الأخلاق ٠
الحقوق الفكرية أخي خالد يجب ألّا تُصادر من أحدٍ مهما كانت قيمة الجهة المُصادِرة ، طالما أن الفيصل ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) وصحيح أنه قد تأكد لي فكرياً و عملياً بعد سقوط الإنقاذ أن المستهدف من الهجمة الشرسة علي الإسلاميين الإسلام كدين وليس الإسلام السياسي (ولا يزالون يقاتلونكم) ولا يعني ذلك أن الإسلام السياسي ليس له معارضين ولكن الغالب علي معركة اليوم أنها ليست مع بني جلدتنا ، فقادتها هم اليهود والنصاري وهولاء ليس لهم قضية مع الإسلام السياسي إنما قضيتهم مع الرسالة الخاتمة ومع رسولنا الكريم محمد ( ص ) حسداً من عند أنفسهم أما موقفي الشخصي من الإسلام السياسي فقد انحزت بإسلامي الذي أنا مساءل فرداً عنه يوم القيامة لرأي حزب النهضة التونسي ، ومراجعات الشيخ راشد الغنوشي بفصلهم للشأن الدعوي عن السياسي ، وقد اسقطتُ من جانبي هذا الاجتهاد الذي أراه صوابًا علي كل الأحزاب التي تقدم مشروعها الفكري من خلال برنامجها السياسي ،كالحزب الشيوعى مثلاً وكل الاحزاب ذات الطبيعة الايدلوجية ، وقد تبين لي ايضاً أن المانيا لم تحظر أعضاء حزب العمال النازي عام ١٩٤٧ انما حظرت الفكر النازي عن العمل السياسي ، فينبغي علي هذه الأحزاب أن تفصل فكرها عن السياسة و لا يعني الفصل الالغاء إنما لكل مشروع مكانه ، وصراع الأفكار شأن مجتمعي بحت وضروري جداً لمعرفة الحق من الباطل بالتدافع والحوار الحضاري وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، فمن شاء فليؤمن بالشيوعية ويذهب لصناديق الاقتراع ويصوت للمرشح الذي يرآه مناسبًا لمشروع الدولة الخدمي الذي يناسبه ، ومن شاء فليكفر بها ومن حقه أن يصوت لمن يرآه أقرب إليه فكراً ، وحساب ذلكم يوم القيامة وليس الدنيا التي تقوم علي قيمة الحرية لكل الناس في خياراتهم ، وأذكركم في خاتمة مقالي هذا بحديث الرسول الطويل( يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا ويمسي الرجل مؤمنًا ويصبح كافرًا ،يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل ) واللهم أهدنا صراطك المستقيم !! الموضوع كبير اخي خالد وربنا يستر ٠