ولايات

قف قبل متابعة التصوير

بقلم /محمد سعيد شلي ..

 

لا تزال في ذاكرة المخضرمين من المغتربين التداعيات السالبة لاشرطة الفيديو والتى بسببها تهدمت بيوت وتشردت أسر. …ويترتب عادة على ” التصوير العشوائى” في المناسبات توترات وخناقات ” منها ما ظهر ومنها ما بطن” وادى الأنتشار الكثيف للهواتف الذكية بتقنياتها الفائقة وسهولة استخدامها الى اتساع هذه الظاهرة.. ترى احدهم وفور بدء المناسبة قد ( جرد) الهاتف من ( غمده) واخذ يصور ذات اليمين وذات اليسار وكأن المستهدف بالتصوير مقرن النيلين او اهرامات البجراوية..وتعد هذه الظاهرة والتى بلغت عند البعض درجة الهوس اختراق للخصوصية ال privacy وقد يتم هذا التصوير وهذا الاختراق في غفلة من الشخص المعنى سواء كان ذلك الشخص رجلا ” يرك الصقر على شاربه” أو من( الجنس اللطيف )..يتعامل المجتمع السوداني مع المرأة بحساسية مفرطة ويحفل التراث السودانى بشواهد تعزز هذا القول فبنت الفريق والجارة وبنت العم ( خطوط حمراء) غير مسموح بتجاوزها..وتصل الغيرة ذروتها اذا حاول احدهم مس شعرة من راسها( يا بت ملوك النيل يا اخت البدور مين لى علاكى ينيل في البدو والحضور .. )… ولكن يلاحظ ان عددا من النساء درجن على ” الانسجام الفائق ” مع مطربهن المفضل فترى الواحدة منهن “تميل طربا “وقد ينحسر الثوب عن راسها فى تلك اللحظة ( الأستثنائية) وربما تنهض من مكانها وتصعد الى ” خشبة المسرح” لتعبر عن( شعورها ).. ولكن عندما يتبخر ذلك الانتشاء وتأتى ( الفكرة ) تستدرك ( بت ملوك النيل ) ان حركاتها وسكناتها كانت موثقة بالصوت والصورة بواسطة الكاميرات واجهزة الهواتف التى كانت( تسرح وتمرح) في المكان فيعتصرها الحرج( ولكن بعد شنو ؟؟) . ومرد ذلك الحرج الى ثقافة المجتمع السودانى والتى تنظر (شذرا ) للمرأة التى تفصح عن مشاعرها وتصفها بانها ” قاهرة وعينها قوية “.. وهناك من يعتقد ان الرجل السودانى خارج البيت يتقمص احيانا شخصية الرجل العصري ويغض الطرف فى مكان المناسبة عن مثل ذلك الانسجام وعن تلك الطريقة التى عبرت بها زوجته او ابنته عن شعورها امام عدسات الهواتف… ولكن عند وصوله للبيت ينقلب الى اسد هصور ويتحول البيت الى ساحة للعراك والنزال بسبب التداعيات المتوقعة لذلك التصوير والذى حتى وان كان قد تم بحسن نية ولكنه قد ( يضل طريقه) الى اصحاب النفوس المريضة. …بالطبع ان هذه الظاهرة اي التصويرالعشوائى ليست بالظاهرة السودانية لكنها ممارسة فى كل بقاع الدنيا غير ان ردود الفعل تجاهها تتفاوت من مجتمع الى اخر ومن ثم علينا كمجتمع تقليدي ان نستوعب بعقل مفتوح وبفهم حضاري( تحفظ ) بعضنا واعتراضهم على هذا التصوير . فليس بالضرورة ان يكون المقصود بذلك الاعتراض صاحب الهاتف ( شخصيا) ولكن الحجة التى يقدمها المعترضون ان تلك اللقطات والمشاهد قد تاخذ طريقها (وبحسن نية) الى من في نفسه مرض… وهنا مربط الفرس وبيت القصيد…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى