نظم الحزب الشيوعي السوداني ندوة سياسية بداره خلال فترة الديمقراطية الثالثة ..وكان سكرتير الحزب الشيوعي الراحل محمد إبراهيم نقد يتحرك ليلتها بهمة ونشاط بين المنصة والصف الأول الذي جمع عددا من رموز العمل السياسي وقتها كان من بينهم غريمه السياسي الدكتور حسن الترابي …وقبل ان تبدأ الندوة بقليل أرسل دكتور الترابي أشارة بيده لنقد تعني ” لو سمحت !! ” معرفة سرها وتفاصيل ذلك الهمس الذي دار بين رجلين يقفان علي طرفي نقيض .. التقي بعدها أحد الحضور بدكتور الترابي وسأله عن سر تلك الضحكة فتبسم دكتور الترابي وأجاب : قلت لنقد ” لعلمك يا أخي أنا أتيت الليلة لداركم من غير حراسة “..فرد نقد ( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن !!) فضحكت – والقول لا يزال للترابي – لأجابة نقد التي جمعت بين سرعة البديهة والبعد السياسي…أستمد نقد إجابته من ذلك الأمر الذي أصدره الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والتسليم عند فتح مكة “
من دخل دار أبى سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ” وهو الأمر الذي صدر حقنا لدماء أهل مكة وحفظا على أموالهم وممتلكاتهم ..والذين يعرفون الرجلين , أي الترابي ونقد , عن كثب يعرفون أن اختلاف الرأي لم يفسد بينهما للود قضية .. التقيا وهما في ريعان الصبا بمدرسة حنتوب الثانوية وكانت من غرائب الصدف أن يسكنا معا في داخلية واحدة ” أبوعنجة ” وهي ذات الداخلية التي لعبت الأقدار بأن يكون من طلابها أيضا جعفر نميري ..فثلاثتهم ابناء دفعة واحدة وسكنوا معا تحت سقف واحد ..وعندما قرر نقد في بداية سنوات الإنقاذ الاولى الاختفاء وممارسة نشاطه السياسي من تحت الأرض نفذ ذلك الاختفاء مباشرة بعد الحادثة الشهيرة بمسجد الحارة الأولي بمدينة الثورة بأم درمان والتي راح ضحيتها عدد من المصلين وشاركت في تنفيذها عناصر غير سودانية ..يقول المقربون من نقد أنه قرأ ذلك الحادث من جوانب شتى وخلص إلى أن حياته قد أصبحت مهددة ومعرضة للخطر بعد ان دخلت عناصر غير سودانية فى الساحة السياسية السودانية ..وكان قبلها مطمئنا بأن السودان لا يعرف الاغتيالات والتصفيات السياسية ..يعتبر محمد إبراهيم نقد أشهر سياسي سوداني تعرض لمطاردة الأجهزة الأمنية ومارس الاختفاء في مختلف حقب الحكم الشمولي فى السودان وهناك الكثير من القصص التي تحكى عن أساليبه ومهارته الفائقة في التخفي و ” التنكر ” ..طلب منه في حوار تلفزيوني بعد انتفاضة أبريل أن يكشف عن تلك الأساليب فرد بسخريته المعهودة بانه لن يكشفها خشية ( أن ينط واحد تاني ويقلب الحكومة) ..و على ذكر الانقلابات فان نقد هو صاحب المقولة الشهيرة ( تدخل الممارسة الحزبية فترات الحكم الديمقراطي فى السودان غرفة الانعاش فياتي العسكر ويصدرون شهادة الوفاة ).. حكاية اخرى من دفتر اختلاف الراي لا يفسد للود قضية بين الساسة السودانيين كان طرفاها الامام عبد الرحمن المهدي طيب الله ثراه والراحل المقيم عبد الخالق محجوب الامين العام للحزب الشيوعى السوداني ..جاء الى السودان فى مطلع الستينيات وفد من الحزب الشيوعي السوفيتى بدعوة من (الرفاق) السودانيين .. سمع الامام عبد الرحمن بالزيارة فأرسل الى عبد الخالق رسولا ليبلغه بان الوفد الزائر ليس بضيف فقط على الحزب الشيوعي لكنه ضيف على السودان ومن ثم فانه بطلب ان يدرج فى برنامج الزيارة دعوة غداء بدار الامام عبد الرحمن .. وقد كان ..ويقال ان الدعوة تخللتها رحلة نيلية.. لا شك ان الذي تم بين زعيم الانصار الامام عبد الرحمن والأمين العام للحزب الشيوعي عبد الخالق مححوب وان ذلك التواصل الذي كان بين النقيضين محمد ابراهيم نقد وحسن الترابي سلوك حضاري يحتاجه وبشدة ساستنا فى هذا المنعطف البالغ الحساسية الذي تمر به بلادنا .. .!!!.