منوعات

الفنانة السودانية_عشة أم رشيرش

بقلم / محمد هارون عمر

ولدت بقرية الشلال عام 1920 شمال مدينة سنجة…حيث ضفاف النيل والجزر والغابات والظلال والاخضرار.. عبقرية المكان اضفت علي روحها الشفيفة وهج والق الفن،بدأت كمطربة وراقصة في بيوت الأفراح..كانت فتاة بيضاء هيفاء نجلاء. غانية بكل ما تحمل الكلمة من معنى. عيون حوراء دعجاء بأهداب كثة غزيرة برموش طويلة مقوسة. من رموشها الكثة الغزيرة استمدت لقبها الذي طغى علي اسمها الاصلي. فلقبت بأم رشيرش…

تزوجها شاب وسيم من قرية الرماش اسمه النورين حمدان الشريف.. وسكنت نفس الحي ااذي كانت تسكنه هنده التي تشبب فيها الشاعر ابراهيم العبادي.. سرور.. امين نابرى وزين العابدين المامور..

سرور يقود سيارة الفيات. حيث وجدوا الغيد الحسان واردات فراقتهم وسحرتهم هنده التي نظم فيها قصيدته السايق الفيات.. وهي من عيون شعر الحقيبة..(عد بي واخد سنده بالدرب التحت تجاه ربوع هنده).. سكنت عائشة في نفس حي هنده الجميلة ذائعة الصيت.لم يحدث التوافق مابين الفتاة الجميلة. والشاب الوسيم.. حدث الفراق الازلي الذي ليس بعده رجعة. يممت شطر قريتها. الشلال وسرعان ما فكرت في التحرك لمدينة سنجة حيث الاضواء. هناك مارست الغناء كمطربة مبتدئة.. راق للناس وسحرهم صوتها الرخيم..

معرفتي بها كانت بطريقة طريفة.. كنت طالباً..اجلس جوار عمي في منزله.. كنا نتجاذب اطراف الحديث. وسرعان ما انتبه عمي لصوت مكي سنادة في مسلسل خطوبة سهير. كان يرد: عاشة ام رشيرش البسته فاتت لخط الروصيرص..قال عمي: الا زال الناس يغنون لام رشيرش؟ كنت اعتقد بانها شخصية خيالية ابتدعها خيال المؤلف المبدع حمدنالله عبدالقادر. قلت لعمي اتعرف عائشة التي يردد اسمها الممثل؟ قال لي نعم.. هي من هذا الحي واعطى تعريفاً كاملاً لاسرتها.. التي لا تبعد كثيراً عن دارنا.. ويا للدهشة والعجب! منذ ذلك الوقت تتبعت آثارها.. علمت من الباحث عبدالله الشقليني الكثير عنها.. رغم كونها مغنية فكأمرأة جميلة تغزل فيها الشعراء وكتبوا فيها شعراً لا زال يغني منذ فترة الحقيبة.. جايلت من المطربات فاطمة خميس، رابحة وام الحسن الشايقية. واصلت في ام درمان غناء التم تم، ثم الحقيبة.. ذهبت مع دميتري البازار لمصر وسجلت اسطوانات لشركة متيشان واوديو.. كان كنار ام درمان.. صوتها الغريد يصدح داخل مقاهي امدرمان. مقهي جورج مشرقي. وغيره. يقول الشقليني بأن عائشة كانت تغني لنجوم المجتمع من الشخصيات الرياضية والسياسية ..نظم فيها الشاعر ربما عبدالرحمن الريح،اغنية هوي يا ليلى. سجلها فضل المولي زنقار لشركة ميتشان بمصر..لمعت عائشة حتي. في الغناء الشعبي بوجدانه الجمعي.. لم يفته جمال عائشة. واسهب في نعتها. كرائعة عذبة. واهم تلك الاغاني الشعبية اغنية عاشة ام ريشريس البسطت فاتت لخط الروصيرص…في مكتبة الاذاعة. لها تسجيلات.. مع ام الحسن الشايقية، اما زميلتها رابحة فقد وهبت كل اغانيها لزنقار الذي صنعت منه فناناً. كان منزل عائشة مجتمع للشعراء والفنانين كمنتدى غنائي.. فزاد من شهرتها التي اطبق على الافاق وسارت بها الركبان.. ذكاء عائشة الفني عال.. وكذلك لها ذكاء تجاري.. وهي مستثمرة ممتازة، تعتبر أثرى مطربة إلى اليوم. بل ثروتها المالية لا تقل عن ثروتها الفنية تركت عشرات العقارت.. في مواقع تجارية.. دارها الشاهقة تقع غرب مستشفي ام درمان وشمال جامع الخليفة. توفيت يوم 16/9/2002 عن عمر ناهز الخامسة والثمانين بكل قواها العقلية والجسدية بعد ان حجت عشرات الحجات.

رحم الله المطربة عائشة فقد ظهرت في وقت كان المطرب يسمى الصايع.. والامر بالنسبة للمرأة كان أدهي وأمر. أصعب وأقسى. فكيف عبرت عائشة تلك المحيطات والبحار؟ لترتقي من المجهول للمعلوم، ومن المغمور والى المشهور..ومن البؤس والي الثراء؟ سؤال صعب الاجابة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى