اخبار

الصحافة الرياضية تودع الهرم كمال طه

نبأ اليوم /سناء الباقر

ودعت الصحافة السودانية والصحافة الإماراتية صباح اليوم الثلاثاء، الهرم الإعلامي الأستاذ كمال طه ،بعد عمر حافل بالعطاء في العمل العام والاعلام الرياضي ، وقد نعاه المجتمع الرياضي والمركز الاجتماعي السوداني بالشارقة ، معددين مآثره وعطاءه بدولة الإمارات العربية واسهاماته المقدرة في تأسيس منارات اعلامية بارزة ، راسماً صورة ايجابية للشخصية السودانيةالمهنية المتميزة في دول المهجر  والامارات خاصة .وقد اقيمت مراسم العزاء بالمركز السوداني بالشارقة .

كما كتب الرياضي المعروف المقيم بكندا رشيد المهدية ناعيا له :

*رحيل كمال طه، القامة السامقة، احد سفراء الكلمة السودانية في الإمارات ودول الخليج :

بقلوب يعتصرها الحزن والأسى، حملت إلينا أخبار أهلنا في الإمارات نبأ رحيل الاخ الأستاذ كمال طه، أحد أعظم من مثّلوا السودان بالكلمة، وأضاءوا صفحات الصحافة الرياضية والإعلام في ‘صحيفة الخليج’ بروح سودانية خالصة، وصدقٍ في القول، وأناقة في الحرف، وشجاعة لا تعرف المجاملة …

عرفته لأول مرة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، في أول زيارة لي إلى الإمارات، فكان وجه السودان المشرق في الغربة، وصوت السودانيين أينما كانوا. كان شعلة من النشاط في المجتمع الرياضي، جعل من الصحافة الرياضية فناً راقياً لا يعرف التكلف ولا الركاكة …

كلماته في عموده الشهير ‘نقاط فوق الحروف’ بصحيفة الخليج، كان أشبه بعقد من ذهب، تلمع فيه الحروف وتتراقص المعاني، فتقرأه فلا تملك إلا أن تُكمل حتى آخر سطر. كان واقعيا، شجاعا، شيقا، جريئا، دسما كوجبة فكرية لا تشبع منها …

حين أطلق برنامجه ‘نجم على الخط’، في ثمانينات القرن الماضي والذي كنت أحد ضيوفه، نقل الإعلام الرياضي إلى مستوى جديد، يشبه في فكرته برامج التفاعل المباشر مثل *CNN Town Hall*. أتاح للناس فرصة محاورة ضيوفه عبر الاتصال المباشر وكأنما هو وجهاً لوجه، فسبق زمنه بمسافات في الابتكار والجرأة …

لم يكن كمال طه مجرد صحفي؛ كان ‘سفارة تمشي على قدمين’. يخدم الناس بلا كلل، ويقضي حوائجهم بصمت النبلاء. كرمه السوداني كان بلا حدود، وبيته كان مفتوحا كقلبه، يضم أبناء الوطن على إمتداده، كان ملاذا لحل قضايا كل سوداني تقطعت به السبل …

عرفته في ميدان الرياضة، وعرفت قلمه عندما شاركت في بطولة نادي الجزيرة الدولية لكرة الصالات، خاصة، الأولى تحت رعاية الأكرم العزيز سمو الشيخ سلطان بن حمدان آل نهيان، بجانب نجوم كبار من الشقيقة مصر، وكان كمال هو من يُوصل صوتنا ويُعلي من شأن مواهبنا، يؤمن بنا دون أن نطلب منه ذلك …

وفي البطولة الثانية، بفريق اخي الغالي سعادة راشد الحر السويدي، البطين، إلى جانب كوكبة من نجوم العرب، كان كمال طه منصفا، كريما في قلمه، راهن علينا، وصدق رهانه، ففزنا بالبطولة مرة أخرى وكذلك في التي تلت، وكان لكلماته أثر كبير في أن تتغير أحوال الكثير منا، ممن بقوا في الإمارات أو غادروها …

ولا أنسى موقفه حين جمعني مع الأستاذ كمال حمزة، ورئيس الهلال الأسبق الطيب عبد الله، بمبادرة منه في بيت كمال حمزة بدبي، ليقنعهم باهمية عودتي للفريق وان السودان يحتاج الى خدماتي بروح وطنية صادقة .. وقد كان …

وعندما عدت إلى الإمارات عام 2003-2004 قادمًا من كندا، لم يتردد في دعمي، وفتح لي الأبواب بقلمه النبيل، بعد انضمامي لتحليل مباريات الدوري الفرنسي وكؤوس أوروبا في قناة دبي الرياضية. كان تعليقاته بعد كل استوديو، تنصفني وتُسمع صوتي لمن لا يسمع، كان يحفزني لتجويد عملي …

لم يكن ذلك سلوكه معي وحدي، بل كان نصيرا لكل نجوم السودان الذين رفعوا الرأس في الميادين، من امين زكي والهادي صيام و بشارة عبد النضيف إلى الفاضل سانتو، وحموري وكسلا، والطيب سند، وديم الصغير، وعبده مصطفى وفوزي التعايشة وغيرهم من قامات الرياضة السودانية … كما كان البوابة التي عبر عبرها كوكبة من الصحافيبن السودانيبن الى سوق الاعلام الرياضة الإماراتي …

لم ألتقِ به منذ عام 2018، عندما زرته واسرتي بمنزله بحي كافوري بمدينة الخرطوم شمال، لكني واظبت على التواصل مع ابنه فتح، والإطمئنان على صحته كل جمعة، نتبادل الدعاء والذكرى الطيبة …

وحين أستعرض الأسماء التي خدمت السودان من قلب الخليج، في الإعلام والرياضة وخدمة الجالية، لا أتردد في وضع ‘كمال طه’ ضمن ‘الخمسة الأوائل’ … بل في المقدمة …

اليوم، فقدنا نبعا من نُبل الحرف، وسندا للجالية، ورمزا سودانيا خالصا لا يُعوض واخا كريما لا مثيل له …

رحم الله الأستاذ كمال طه، بقدر ما أعطى، وبقدر ما أحب الناس وأحبوه، ونسأل الله أن يتقبله في الصالحين، وأن يجعل صدقته الكلمة الطيبة، وقضاء حوائج للناس، وكرمه وذكره الحسن، في ميزان حسناته …

اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، وألهم أسرته الكريمة وأحباءه ومحبيه الصبر والسلوان، واجعل فقده نورا لا ينطفئ في ذاكرة السودانيين بالإمارات وبالوطن …

وأتقدم إلى الأخ دولة الرئيس د. كامل إدريس باقتراح تكريمه ومنحه وساما يليق بما قدمه من صورة مشرفة لأهلنا ووطننا في دولة الإمارات ودول الخليج العربي …

وليكن هذا التكريم فاتحة لمشروعٍ أوسع، لتكريم كوكبة ممن رفعوا اسم السودان عاليا، وقدموا صورة ناصعة عنّا في شتى المجالات، بالدول الشقيقة والصديقة …

‘إنا لله وإنا إليه راجعون’

كمال طه ..وداعا أيها السفير النبيل .. أنتم السابقون، ونحن ، بإذن الله ، اللاحقون ..

 

زر الذهاب إلى الأعلى