مقالات

الإعلام ، رسالة لا كاميرا

بقلم/أحمد حاميش

كثيرون اليوم يختزلون الإعلام في كاميرا تُرفع أو مقطعٍ يُبث، حتى غدا مفهوم الإعلام عند البعض مرادفًا للظهور والشهرة لا للرسالة والمسؤولية. غير أن الإعلام، في حقيقته وجوهره، أسمى من مجرد صورة أو فيديو. إنه صوت المجتمع وضميره الحي، ورسالة تحمل الحقيقة وتنقلها بأمانة، وتسهم في بناء الوعي لا في تزييفه.

الإعلام ليس استعراضًا ولا ترفًا، بل أمانة في القول وصدق في النقل. فالصورة قد تجذب العين، لكن الكلمة الصادقة هي التي تلامس القلب والعقل معًا. والإعلامي الحقيقي ليس من يلهث خلف الأضواء، بل من يجعل من منبره وسيلة لخدمة الناس، ونصرة الحق، وتنوير الفكر.

ولأن الإعلام رسالة لا تُؤدى إلا بالوعي والمعرفة، فإنه لا بد أن يقوم على أساس من الخبرة والدراسة الأكاديمية. فالإعلامي المتخصص يدرك أصول المهنة وضوابطها، ويميز بين الحرية والفوضى، وبين النقد البناء والتشهير المبتذل. ومن دون هذا الوعي، تتحول المنصات إلى فوضى من الأصوات، يضيع فيها الحق وتُغتال الحقيقة.

وهنا تبرز ضرورة تأطير الإعلام وتنظيمه داخل المؤسسات الحكومية، من خلال وضع معايير مهنية واضحة لاختيار الإعلاميين وتطوير مهاراتهم. فالإعلام الحكومي ليس مجرد واجهة، بل هو لسان الجهة ومعبّر عن صورتها أمام المجتمع والعالم. لذا، فإن انتقاء الكفاءات المؤهلة علميًا ومهنيًا هو الضمان الحقيقي لرفع جودة الرسالة، وتحقيق أهداف التواصل الفعّال بين الدولة والمواطن.

إن الحاجة اليوم ماسة إلى إعلام مؤسسي محترف ومسؤول، يزن كلماته بميزان العقل والضمير، ويستشعر أثر رسالته في المتلقين والمجتمع. فالإعلام، في نهاية المطاف، ليس عدسة تُصوِّر فقط، بل فكرٌ يُنير، وصوتٌ يعبِّر، ورسالةٌ تبني الأوطان قبل أن تملأ الشاشات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى