Uncategorized

عبد الرسول النور ناعيا الكابلي :حامل مزامير آل داؤود في ذمة الله

الخرطوم :جزيرة برس

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على سيدنآ محمد وعلى آله وصحبه مع التسليم..
طبيب النفوس والقلوب..

صعبت علي الكتابة عن رحيل احد من عملوا على جلاء القلوب وراحتها من صداها وما ران عليها من تعب ونصب وهموم كالجبال الراسيات واعاد للنفوس هدوءها وسكونها بعد ان كادت من رهق الحياة ومعاناتها ان تطير شعاعا.. وقد صدق المصطفى الصدوق.. حين وصف.. ان النفوس إذا كلت ملت.. فروِّحوا عنها.. حتى ترحل الهموم ويحل الهدوء والصفاء والراحة ولو إلى حين فقد خلق الانسان في كبد..لان الحياة كلها مدافعة..


كان نبي الله داؤود عليه السلام اعجوبة زمانه وكل الازمان اللاحقة جمالا في الخلق وفي الصوت وحلاوة الأداء فقد اوتي مزاميرا لم تعط لاحد سواه وصار كل حسن الصوت عذب الاداء من بعده ينسب إلى أحد مزاميره البديعة.. فقد وصف رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا .. صوت الصحابي الجليل أبي موسى الاشعري رضي الله عنه.. وقد استمع إلى تلاوته العذبه للقران الكريم فقال له اعجابا وتشجيعا لقد أوتيت مزمارا من مزامير ال داؤود يا ابا موسى.. فقال ابو موسى لوكنت اعرف انك تسمعني يا رسول الله لحبّرته لك تحبيرا..


لقد كان المرحوم الموسيقار الاديب والشاعر والمغني الطروب الاديب الفنان الشامل عبدالكريم عبدالعزيز الكابلي اعجوبة زمانه خصه الله بمواهب متعددة جعلت منه شخصا محبوبا ومحترما ونجما من نجوم المجتمع لا يخبو ولا يغيب.. وهو من الأسماء التي لا تعرّف وحتى لا تثلث.. فهو شهير مشهور شاهر..كبدر السماء وشمس الظهيرة..

كنت استمع اليه في باكر صباي واعجب بكثير من اغانيه المتنوعة العاطفية والدينية والوطنية والتراثية والانشاد والرميات المتقنة.. وحديثه الصافي المصفي المرسل والمقفى في محاضراته القيمة.. ولكني وقفت معه في محطات كثيرة معجبا ومتاملا ومستزيدا يجللني الاعجاب والفخر قبل ان ينزو بي الطرب وانا استمع له وهو يصدح في ابداع فريد لافريقيا الناهضة وآسيا المنيعة ويذكر رموز الفخر من اماكن وشخوص في (باندونغ) الفتية في قلب اندونيسيا (سوكارنو) المنيعة وغابات كينيا والملايو..ولارض المليون ونصف المليون. شهيد(جزائر بن بلا) و لمصر اخت بلادي.. ام جمال و ام صابر وزاد المشهد هياجا واضطرابا وطربا عندما هب واقفا جمال عبد الناصر بجلاله وجماله وبالهيبة والمهابة ليصافح فنان اسيا وأفريقيا العملاق عبدالكريم الكابلي فخفقت قلوب ودمعت عيون وصاحت فرحا حناجر.. انه يوم من ايام الفخر والعز لاينسى..


ومما زاد اعجابي به واهتمامي بكل اغانيه.. شذى زهر ولا زهر فسما فيها كما سما بها شاعرها صاحب العبقريات (السابق) الذي لم يلحق به أحد ناهيك عن ان يسبقه! ..
كما عشنا معه لحظات الضيم والأسر وعزة النفس وكرامتها مع الشاعر الفارس ابي فراس الحمداني الامير المقاتل الذي أسر في المجاهدات ضد الروم وقد صعب عليه الفرار وآثر عليه اغلال الأسر وضيم السجون فان يصاب جسده الناحل اكرم عليه من ان تصاب كرامته وعزته.. وقد كنا ونحن في زنازين الطغاة وبيوت اشباح الظلمة نتاسّى و نتسلى بقصيدته تلك..


وكنت قبلها لا اخفي انحيازي إلى شاعري المفضل احمد الحسين الموصوف بالمتنبي في خصومته الادبية مع ابن عم الامير سيف الدولة الحمداني ابي فراس الحمداني الذي كان يبخس ابا الطيب المتنبي اشياءه في مجلس الامير حتي اوغر صدره عليه فحدث الفراق المر..و شعرت الان بتعاطف كثير مع ابي فراس في محبسه ربما لان كلانا غريب والغريب للغريب نسيب! اما اغنيات التراث والحماسة فقد نفض عنها غبار الاهمال والنسيان وافرغ عليها من روحه وانفاسه ما جعلها على كل لسان وخاصة عند الناشئة والشباب مما زاد اعجابهم باسلافهم وتراثهم شهامة وشجاعة وكرما وعزة نفس.


اما مصافاته ومناجاته وابتهالاته ورجاءات وتوسلاته في ليلة المولد (الشريف) سر الليالي والتي صاغها شعرا سليل الدوحة المجذوبية الغناء محمد المهدي المجذوب فكان يكفيه فخرا وشهرة ان لم يغن غيرها.. وارجو ان تكون تذكرة له وجواز عبور من شفيع الأمة يدخل من ابواب الجنة حيث يشاء..
ذاك كله جانب عرفه كافة الناس وعامتهم عنه.. ولكني وقد اكرمني الله بصحبه الامام الصادق المهدي ومرافقته والتعرف عن قرب على اهل بيته المكرمين واصدقائه المقربين ومن اقربهم اليه صديق العمر المقرب الفنان عبد الكريم الكابلي والذي كان يحبه الراحل ويجله ويفرح عند رؤيته ويمازحه ويتسمع اليه بتركيز شديد يكاد يردد معه بعض المقاطع اعجابا وتشجيعا في جلسات خاصة في بيته خاصة بعد افطار رمضان الفضيل في يوم يخصصه له الامام الراحل دوما للافطار معه كل عام وكنت من الحضور المعدودين في ذاك اليوم الذي احرص عليه حرص شحيح ضاع في الترب خاتمه.. فاستمع اليه بشغف وانشراح وطرب مكتوم لاغنيات مفضلات محبرات تدوم إلى وقت السحر والسحور ..واردد في سري نحن في شعاب مكة نعلم عنها ما لا يعلمه الآخرون..
كنت في هذه الايام اسال عنه في الوسائط اخاه وحبيبه د. عمر الجزلي والذي طمإنني عليه بعد الاشاعة المغرضة بموته.. وقد افرحني ان ذكر لي بان الفنان الكبير لايذكرني الا بالخير.. كما انني اتابع ما يكتبه ابنه البر سعد عن حالته الصحية مطئننا محبيه.. وقد عز على.. كثيرين انا منهم.. ان يموت كرامنا في خارج الوطن الذي احبوه واحبهم اهله في الغربة ويحرمون حتى من تشييعهم وإلقاء النظرة الاخيرة عليهم فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم..
كيف لي أن احيط ببحر لجي اقف على ساحله المترامي.. ولم يترك الناعون والواصفون المتمكنون لي متردما.. ولكني عندما رايت الواردين يتزاحمون على مورده العذب حملت جَرّتي..
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.. رحمه الله رحمة واسعة و ادخله فسيح جناته مع من أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.. وانا لله وانا اليه راجعون.. وطرح البركة في زوجه وابنائه البررة وبناته المصونات واحفاده واصهاره وفي صفيه الوفي د. عمر الجزلي وفي وطنه الذي احب وأهله وجيران والسودانيين في امريكا والمهجر والذين عندما ضاق عليهم وطنهم السودان صاروا وطنا لوطنهم!


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى