مبارك الكودة يكتب : إليكم أيها الشباب
الخرطوم :جزيرة برس
صحيح أن حكومة الإنقاذ الوطني تتحمل الوزر الأكبر في كل أزمات السودان الحالية ، ولكن صحيح اليوم والذي يجب أن نعلمه و يقف عنده المواطن خاصة الثوار ، أن القيادات الحزبية التي تصدت للمسئولية بعد الثورة هي من جنس القيادات الحزبية القديمة التي قامت الثورة من اجل إبعادها فالصراع لا زال محتدماً بين اليمين واليسار ، ولازالت الطائفية باسم الدين والتاريخ تبحث عن مكانها ، وهذا هو سبب مجيء العسكر بعد كل ثورة شعبية !! وفي تقديري أن قامتهم وقدرة تحمل المسئولية عندهم تتقاصر مقابل تحديات المرحلة الجسام ، فهم عبارة عن شخوص تتملكهم ( الأنا ) ولا تتجاوز رؤيتهم تراقيهم وذواتهم ، وهذا بالطبع يؤسس لمزيد من الإخفاقات ، فالذي يجري اليوم لا علاقة له بالثورة البتة ، بل هنالك ردة كاملة عن قيمها فاصبح شعار ( حرية سلام وعدالة ) (سجن وكراهية وظلم ) وبدلاً من تسوية الصف السوداني الذي هو بالضرورة القيمة الاستراتيجية العليا والتي من أجلها انتفض الشعب اصبحنا نعيش حالةً من السيولة والفوضي والتمزق والتشتت والاستقطاب الغير مسئول ، لم يشهده الصف السوداني حتي في زمن اللادولة ٠
وقفتُ مشدوهاً أمام وزير يرفض تنفيذاً لقرار رئيس مجلس سيادي ثم ضابطاً تنفيذياً يرفض الاستجابة لقرار رئيس مجلس الوزراء ، ووالياً يرفض أن تتم بينه وبين من تم تعيينه بديلاً له ، والعجيب أن كل ذلك يحدث أمام الشعب السوداني وباسم الثورة .
جاءت الثورة لتجتث كل المقعدات التي تسببت في الكراهية والظلم مثل الإقصاء والتمكين وتؤسس لمبدأ المشاركة والمنافسة في وطن يسع الجميع ، وللأسف بدلاً من ذلك مارس قادتنا بلا أخلاق وبتهافتٍ مخجل أقصاءً وتمكيناً فاجراً لا يستند الي موضوعية ولا قانونية مقارنة بما سبق ، حتي الساسة الانقاذيين عندما مارسوا مشروع الإقصاء والتمكين كانوا يفعلون ذلك من مبدأ فكرة يعتقدونها ويقدسونها – بصرف النظر عن صحتها أو خطئها – ظناً منهم أن فيها خيري الدنيا والآخرة – يعني كان في موضوع – وكانوا يحصنون فسادهم بالقانون ، أما هولاء فلا مبدأ لهم إلا ( الأنا ) والشخصنة بلا مؤاراة وعلي عينك يا تاجر وطظ في القانون ٠
ظن هؤلاء الساسة الذين هم دون قامة هذا الشعب وتتواضع قدراتهم أمام تبعات المسئولية التي اختطفوها أن الثورة مشروع للهدم فحرضوا الشباب علي ذلك ، وها نحن نري الخراب والدمار يطال الطرق والمرافق العامة مثل إزالة الانتر لوك من جنبات الاسفلت ، والانترلوك بالطبع حماية لهذا الاسفلت الباهظ القيمة والذي هو ملك للمواطن ، ولم يسلم من ذلك حتي لافتات الدعاية ،وتجسد فينا بهذا السلوك تماماً قوله تعالي ( يخربون بيوتهم بايديهم ) فأين الثورة في هذا الفعل ٠
أيها الشباب جددوا ثورتكم وأعيدوا لها وعيها ، وأزيلوا عنها ما علق بقيمها من رآن وغبش ولا تكونوا لُعبة في أيدي غيركم ، فإن لم تفعلوا فلن يكون لكم وصل بينكم وشعبكم ، وسووا صفوفكم بلا حزبية ولا تدعوا لشياطين الإنس فرجة ، واجعلوا من المحبة والوئام والبناء والتعمير قيمة ، وافشوا السلام بينكم ( إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ) وإني :
أرى بين الرماد وميض نار
فأخشي أن يكون لها ضرام
فادرأوا عن الوطن هذه الفتنة يرحمكم الله ٠