Uncategorized

فوزي بشرى يشرّح الأزمة السودانية

هل الصراع في السودان اليوم بين مدنيين و عسكر؟ كلا ، إنه لأعقد من ذلك بكثير و لن يستقيم التحليل حتى يصار الى رؤية كل معسكر في سياق أزمته و دينامية مفاعيلها. فالفريقان كلاهما مأزوم مكروب معلول و ربما أفضى البحث في أصل العلة الى أن الصراع منشؤه التوهمات المتبادلة بين الطرفين. فليس العسكر بإجماعهم كارهين للحكم المدني وللديمقراطية نظاما للحكم و لا كون المدنيين مدنيين يشكل ضامنا لخلو صدورهم من لوثة ديكتاتورية تتلبس أحيانا ممارساتهم فلا يكون لها من الديمقراطية إلا استيفاء صورها الشكلانية.و في غياب الخلوص الى نتيجة كهذه فإن القول بالصراع بين العسكر و المدنيين يوفر ( خطابا سياسيا قاصرا) عن الإحاطة بتعقيدات المشهد السوداني الراهن. و يشكل مادة لصناعة الكراهية المتبادلة فلا يجد العسكر المؤمنون بطبيعة مهمتهم في النظام الديمقراطي ما يصنع بينهم و بين المدنيين جسرا ) ولا يجد المدنيون الرافضون للعسكر ( المناط بهم حماية كيان الدولة و نظامها) مشتركا يخرجهم من منطق المغالبة الى منطق عقلاني معني بتأسيس فكرة الدولة بوصفها ( وظيفة كلية) غير قابلة للاقتسام.
ليست أزمة المدنيين المتشاكسين بأقل خطرا و فداحة على البلاد من أزمة حكم ديكتاتوري غاشم.
و قد بدا لي كما لم يعد خافيا على أحد أن أزمتنا الوطنية /السياسية شديدة التركيب و التعقيد و من الاعتساف تصورها صراعا بين عسكر و مدنيين.
بلادنا تعيش أزمة مدنية/مدنية
و تعيش أزمة عسكرية/ عسكرية
ثم تتداخل الخطوط بين أولئك جميعا منشئة حالة من الهزال الوطني تسمح باختراق جسد الدولة و تفتيته من داخله بعد أن تكون عراه قد انحلت و ساعتها يكون المدنيون و العسكر جميعهم قد أصبحوا ضحايا الأجندات ( الوارثة) محصلة الصراع العدمي.
مشكلة السودان اليوم هي في جيشه بمقدار ما هي في مدنييه.
في قواه الحديثة بمقدار ما هي في قواه و تكويناته التقليدية.. هي في مركزه و هامشه معا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى