صلاح مصطفى .. الماضي والحاضر
جاء بانغام وسيمه كوسامته الظاهرية والباطنية وهبه الله موهبتين فجمع بين نظم الكلمه وتنغيمها بين العذوبة والسهولة عبر صوت واضح النبرات تنساب نبراته وتتهادي إلى أن تصل إلى مصبها وجدان المستمع السوداني فتنداح في مساماته طربا عجبا وتكفي شهادة الشاعر حسين بازرعه حينما استمع لصلاح مصطفى لاول مرة حينما قال (ارخم صوت استمع إليه):
اتذكرين نزهتنا في المقرن سوا
وسط نتساقي كاسات الهوى
اتذكرين النيلين عناقهم كيف بدا
واحتضان الوردة لبلل الندى
الموجه تابعه الموجه جارية تطاردا
إلى نهاية الأغنية التي كتبها الشاعر مسعد حنفي وهي من أوائل الاغنيات التي لحنها وغناها الاستاذ صلاح مصطفى في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي . وهي ليست أغنيته الأولى ولكن أعتقد أنها بشرت بقدوم موسيقار الي براح وديوان الأغنية السودانية وأكدت علو كعبه في ملكة التلحين المصحوب بالتطريب رغم أن موسيقاها تسير على وتيرة واحدة ولحن هذه الأغنية يؤكد أن مطربنا يسير في الطريق الصحيح فقد سبقها بالحان عذاب لم يبثها عبر حنحرته بل عرفها المستمع السوداني عبر حنجرة صلاح محمد عيسى (عشان كده انا حبيتو) وحنجرة عبيد الطيب (سلام وكلام) وهكذا كانت البداية بالتلحين قبل الغناء منذ النصف الأول من خمسينيات القرن الماضي( 53/54) .
تقريبا وتحت إلحاح وإصرار بعض من حوله تم إقناعه بالظهورواحتراف الغناء خاصة صديقه وزميله في مصلحة البريد والبرق شاعر العيون عبدالله النجيب ومن أوائل الأغنيات التي تم تسجيلها بصوته للإذاعة السودانية اغنية( نوار) من كلمات الشاعر عبدالله النجيب:
زهور الروض يا نادي
الوردة تفتح نشوانه
والزهرة تناغم جيرانه
والريحة تفوح ترد الروح
من أوراق الريحانة
وقد وجدت هذه الأغنية قبولا واستحسانا كبيرين وسط الجمهور المتتبع للفن ووافر الشكر الجميل للأستاذ عبدالله النجيب الذي لولاه ما عرفنا وتمتعنا بصوت صلاح مصطفى وقد وصل الأمر به (عبدالله النجيب) أن ذهب بفناننا الفخيم إلى مكتشف النجوم الشاعر والملحن عبدالرحمن الريح ليعرض عليه موهبته في الغناء
كذلك لم يقصر شاعر العيون مع صلاح مصطفى ومنحه أكثر من خمس أغنيات منها حبيبه غريبه واحب عينيك وصدقت العيون وين ايامي.
أصبح صلاح مصطفى نجما بازغا في سماء الأغنية السودانية وصدقت أمنية والده المثقف حينما تمنى أن يصل ابنه كما وصل الفنان أحمد المصطفى الذي تغيرت بسببه نظرت المجتمع للفن والفنانين هاهو صلاح مصطفى قد بلغ ما بلغ في الفن وتلاحقت الكتوف أن لم يكن بدرجة احمد المصطفي لا يقل عنه فيما قدمه للفن السوداني بل أرى وهذا رأي شخصي بأنه تفوق عليه بكتابة الشعر وأكثر فنان تغني له صلاح مصطفى هو صلاح مصطفى ذات نفسه حيث غني من اشعاره وألحانه ١٨ اغنية أشهرها اساسق بالتدريب وامدرمان واشوفك وين يا كحيل العين لو بتحبني وغيرها من الأغنيات واضف إلى ذلك كل أعماله من ألحانه وامتد عطاوه بالتلحين لزملائه حتى بعد أن أصبح فنانا مشهورا كتلحينه لأغنية بشارة (يا غيمة امشي ز يارة) من كلمات إسحق الحلنقي وأداء إبراهيم حسين وكذلك اغنية (فاتوا ألحبائب) لزميله الفنان محجوب عثمان.
لم يصل صلاح مصطفى إلى ما وصل إليه الا نتيجة لموهبته وحسن اختياره للكلمات التي يتغني بها ووضع الألحان المناسبة التي تمكنه من أدائها بصورة مريحة تتوافق مع حباله الصوتيه وحتى اختياره لاغنيات الغير كانت بنفس الصورة خاصة أغنية الحقيبه غني القمري على الغصون ذكرني الدر المصون فريد عصرو المامتلو شي
بالله عليكم من منكم استمع إلى هذه الأغنية بصوته ولم يستدعي الذكريات غناها كما يغني القمري في دوحته.
أغنيات الفنان صلاح مصطفى يغلب عليها في معظم كلماتها أن لم تكن كلها بساطة المعنى وسهولة اللفظ وخالية من الغزل الفاضح كوصف الخدود والنهود والارداف والخصل النحيل كما فعل شعراء الحقيبه وظهر ذلك جليا في الأغنيات التي منحها له محجوب سراج كالاغنية التي اتخذتها عنوان لهذا المقال الماضي والحاضر وصحويباتها مثل بعد الغياب وطريق جنة وحبة شوق ولمسة وبرضي بحبك وحبة شوق وحتى انت واحسن اوادعك وتودعني وهي أول تعامل بينها عام ١٩٦١.
وتطابقت نفس روح المعاني في كلماته حينما اقنع صديقه مصطفى سند بأن يلج مجال كتابة الأغنية فكانت اغاني شارع الصبر وقصدو ايه وغالي الحروف وبريد الشوق وعدي يا شوق وعيد الحصاد كذلك حال فنانا صلاح مصطفى وقد جمعه القدر بصاحب اغنية مشي أمرك يا قدر إسحق الحلنقي فكان قدره منه أغنيات عش حياتك والعش الجميل اما الشاعر محمود حسين خضر فقد غني جميل أغنياته مره صابر فوق اذايا ومرة شايل جرحي واشكي يا حبيبي الدنيا حاله يوم تفرح ويوم تبكي.
ولا ننسى محجوب شريف ويتيمته لصلاح مصطفى:
سافر زمان قبال سنين لا جاب جواب لاجاب خبر
وكدت أن أنسى احد الشعراء الذين شكلوا حضورا انيقا في ديوان صلاح مصطفى الغنائي الصيدلاني على شبيكة فكانت كيمياء أغنياته قد تفاعلت مع كيمياء ألحان صلاح مصطفى فجاءت بوصفات كانت تريقا للوجدان السوداني فكانت الجرعة الأولى اقول صباح الخير ولاياجميل ويا روابينا ولالالا لا ولبيك الله وتوالت الجرعات الطربية حتى بلغت ما يربو على ١١ اغنية.
هاهي أغنيات صلاح مصطفى كما وصفتها لكم ومازال فنانا الفخيم مبتلى بفنه الأنيق وما أحلى الابتلاء ومازالت أغنياته تحتل مكانا عليا في ربا الأغنية السودانية ونتمنى له دوام الصحة والعافية ومزيدا من الابداع