Uncategorized

الى متى يستمر نزيف الدم في الوطن ؟!!

بعد الأحداث الدامية التى شهدتها خلال الفترة الماضية دارفور و كردفان و الشرق و شوارع الخرطوم حيث راح ضحيتها مئات المواطنين سواء من جراء نزاع قبلى أو قمع امنى،، انتقل نزيف الدم إلى النيل الأزرق حيث اريقت دماء حوالى المائة من المواطنين و أصيب المئات فى نزاع قبلى لم تعرف حتى اللحظة تفاصيل دوافعه.

 

لم تتحرك السلطات أثناء إندلاعها على مستوى الولاية … لم تتحرك الا بعد خراب سوبا و بعد أن وقع الفاس على الراس.. ردود فعل لم تكن على مستوى الحدث، الا من توجيه من لجنة فنية عسكرية للنائب العام بإجراء تحقيق فيما حدث!! و متى كان التوجيه يصدر من مؤسسة عسكرية الى مؤسسة عدلية مستقلة.. و حتى هذه الأخيرة لماذا لم تبادر لإجراء هذا التحقيق منذ بداية النزاع المسلح من تلقاء نفسها.

 

هذه النعرات القبلية ما كان لها أن تحدث الا فى غياب هيبة و سلطة الدولة.. التى اعادتها هذه النزاعات القبلية المسلحة مائة عام الى الوراء..!!

و لسخرية القدر فإن ما حدث فى دارفور و كردفان و الشرق و النيل الأزرق، حدث في مناطق كان من المؤمل أن يجنى أهلها ثمار ما عرفت باتفاقية جوبا للسلام و التى تبدو و كأنها اتفاقية لتقاسم كيكة السلطة… إذ لا بواكى على أصحاب المصلحة الحقيقية . الذين دفعوا و ما برحوا يدفعون فواتير هذه الحروب الأهلية نزوحا .. لجوءا .. جوعا .. مرضا ..فقرا… و استمرارا لنزيف دم… يدفع المرء إلى التساؤل … ما جدوى ما عرفت باتفاقية سلام جوبا.!؟

طالما لم ينعم الاهل فى هذه المناطق على إثرها بالسلام و ألامن و العيش الكريم؟؟ نعم حتى فى الخرطوم… استمر نزيف دم الشباب… نفس، شباب الثورة الذين تبخرت أحلامهم فى تحقيق دولة الحرية و السلام و العدالة…. و قد ظلوا يدفعون فاتورة حالة اللادولة التى يعيشها الوطن حالياً… و قد لا يصدق المرء أذنه و هو يستمع إلى احد زعماء القبائل و هو يحمل سلاحا نارىا فى الوسائط يناشد العسكر ( العودة إلى الثكنات و انهم هم الذين سوف يحسمون ما أسماه بالفوضى و إزالة المتاريس من شوارع الخرطوم !!!! ). فهل يا ترى فى مثل هذا الحديث دعوة إلى نقل النزاع القبلى المسلح من أطراف الدولة الى عاصمتها…ام يا ترى من الممكن أن يمر مثل هذا التحريض الذى ينال من أمن الدولة و نسيجها الاجتماعي مرور الكرام؟؟
لم يكن من تحرك للدولة الا بعد فوات الأوان… فلماذا لا تبسط الدولة هيبتها و تكن هى الفاعلة بدلا عن رد الفعل تحسبا لوقوع مثل هذه الأحداث المؤسفة؟؟. Should rather play a proactive role… فلا جدوى البته من تشكيل لجنة للتحقيق فى أحداث ما زال ضحاياها من الأهل في الدمازين يفترشون الارض للتداوى من جراحهم بعد أن ضاقت المشافى بما رحبت…. و ما برحوا… بعد أن قبروا قتلاهم… يشكون من نقص الدواء و المأكل و المشرب لمن أخرجوا من ديارهم و لاذوا بالفرار حذر الموت و بحثا عن ملاذ آمن … فمتى كانت ثمرة للجان التحقيق التى ظلت المئات منها حيبسة الادراج و ولدت ميته،. و لم يكن من دافع لها سوى مسكن لامتصاص وقتى للغضب؟
و غنى عن القول إن ما يجري من انفلات امنى و نزيف الدم سواء في العاصمة أو الأقاليم، هو نتاج طبيعي لأزمة ظلت تأخذ برقاب الوطن طيلة الفترة الماضية… و هو لا شك حلقة فى مسلسل متلازمة فشل النخبة السياسية عسكرا و مدنيين منذ الخمسينات.

و لعل قدر الشعب السوداني أن يظل يدفع فاتورة هذا الفشل و هذه الدائرة الشريرة إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا. في غياب تام لدولة القانون و المؤسسات و غياب هيبة الدولة و دونكم الإنفلات الأمني في كافة انحاء السودان و نزيف الدم المستمر رغم تعدد الجيوش و القطاعات الأمنية و رغم ما سميت زورا باتفاقية جوبا للسلام و التى لم تعد غير اتفاقية لتقسيم كيكة السلطة و متاعها في المركز غير آبهين بما كان المؤمل ان يجنى ثمارها أصحاب المصلحة الحقيقة فى دارفور و المنطقتين …

اتفاق تبدل من نعمة إلى نقمة و لا بواكى للثكلى و الجرحى و الذين اخرجوا من ديارهم عنوة و قسرا حذر الموت و بحثا عن ملاذ أمن.. مواطنون شرفاء بدلا من أن ينعموا بحياة حرة كريمة فى وطنهم زادت تعاستهم و هم يفترشون الأرض في الدمازين حيث ضاقت المشافى بما رحبت… و رغم ان تدخل السلطات جاء متأخرا. و بعد فوات الأوان / ، الا انه كما يقولون ان تاتى متأخرا خيرا من أن لا تأتي اصلا….

لكن تبقى الحقيقة ان مسؤولية ما يجرى من انفلات امنى و نقص من الأنفس في العاصمة و الولايات تقع على عاتق السلطات الأمنية.. و يجب عليها نزع السلاح من المواطنين و ان يبقى السلاح فقط في ايدى السلطة.. كما يجب على المكون العسكري الحاكم بسط هيبة الدولة فى كافة أرجاء البلاد و نزع فتيل النعرات القبلية و ان تنأى القبيلة عن اى استقطاب أو اصطفاف سياسي… و فوق كل هذا ان يستشعر المكون العسكري الحاكم المخاطر التى تحدق بالوطن و بنسيجه الاجتماعى و أمنه القومي و الحيلولة دون الانزلاق نحو ما لا تحمد عقباه… فهو الطرف الرئيس فى الأزمة الراهنة و انسحابه من العملية التفاوضية.. من شأنه أن يقذف بالوطن نحو المجهول… و لا مناص الا باستعادة مسار التحول الديمقراطي، و وضع حد لاستخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين… و استئناف العلاقة و فك طوق العزلة الدولية و الإقليمية و انهاء القطيعة مع المؤسسات المالية الدولية متعددة الأطراف التى اقعدت باقتصاد الدولة و وضعته على حافة الانهيار التام .. فهلا التقط القفاز و اتخذ المزيد من إجراءات بناء الثقة التى من شأنها عودة العسكر للثكنات و ارساء دعائم الدولة المدنية التى هى الضامن الوحيد لاستقرار الدولة و رفاهيته و الحفاظ على نسيجه الاجتماعي..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى