صديق دلاي يفوز بالجائزة الأولى لمسابقة محجوب محمد صالح الصحفية بحوار مع شاب مختلف
فاز الاستاذ الصحفي صديق دلاي بالجائزة الأولى لمسابقة محجوب محمد صالح الصحفية التي ترعاها شركة دال ، وقد فاز بحوار متميز مع شاب مختلف (آدم حسن خميس ). ( جزيرة برس ) رأت ان تنشر الحوار الفائز من باب أول وهو أهمية الجائزة وقائد ركبها استاذنا المخضرم محجوب محمد صالح ، ومن باب آخر هو التهنئة والإحتفاء بالزميل الأستاذ دلاي .
حاوره : صديق دلاي
المقدمة:
بعد عدة مواعيد وطلب بنشر كتابه(بدون عنوان) في كل الصحف السودانية كما يري لاهميته ولخدمة الوطن , وصلني شاب لم تخرج ملامحه من الطفولة بعد , يبدوا علي الموتاسيكل أنه شاب جاد في طريقه وحينما جسلت معه داخل كافتيريا
أستمعت لحكاية معقدة من حكايات الحرب في أرض البرتقال فكانت المأسي والمحن من قتل وإغتصاب وجوع حرمانه من طفولة وتعليم عاديين في بلده الذي لم يتعرف فيه علي الأخرين ثم أكتشف التلفزيون لأول مرة في نيرتتي وأكتشف صهريج الموية في مدخل مدينة كأس واللأفتات الملونة لترحب بالناس وفي نيالا أكتشف الحياة الطبيعية والناس مبسوطة في السوق والمدارس والكافتيريات واشتري من سوق نيالا كتب متنوعة وتخرج من الإسعافات الأولية وركب أول درب لابيه حينما وقع من فرع شجرة المنقة ونتيجة إستفزاز في نيرتتي تعلم اللغة العربية الفصيحة ورسم صورة الحرب وإسعاف الجرحي بالحمير
لي لقاء أخر ومقال مختلف عن هذا الشاب لفهم الحرب وأفرازاتها من الوعي وثورة الأشياء من حوله
الخطوط
نعم أغتصبوا أختي أمام عيوني و سيوحدنا المطر والشمس
هذه حرب أغتصبوا فيها طفولتي وشاهدت الفظايع
كنا نسعف الجرحي بالحمير و3 ايام بلا طعام إلا صفق الشجر ولبن الأمهات
حكايات قاسية علي قلب شاب أعلن خساراته بشجاعة
لم أجد بلدي في المناهج وسالت أعمامي(لماذا كل هذه البنادق) في بيوتنا
شاهدت التلفزيون أول مرة في نيرتتي وخفت منه
وفي كأس شفت صهريج الموية كأعجوبة
وفي نيالا شفت الناس مبسوطة في حياة طبيعية
درست إسعافات أولية وأبوي أول من ركبت له الدرب بشكل سليم
– شاهدت الموت والإغتصاب والضرب والنهب والتعذيب للأهل كلهم
× أدم حسن خميس من جبل مرة؟
– أنا سوداني من جبل مرة
× ماذا تعرف عن بقية السودان؟
– نشأت في ظروف حرب صعبة
× حدثنا عن طفولتك؟
– لا أعرف عنها شئ ولم أمر بها مطلقا
× نشأت رجلا فورا؟
– نشأت وسط حرب صعبة لم نلعب كما يلعب أطفال السودان وكنا تقريبا بلا أصدقاء ولا مدارس ولا تعليم
× أنها الحرب؟
– شفنا الفظائع بدلا عن اللهو واللعب
× دعنا نتحدث عن تفاصيل تلك الحرب؟
– كنت أسال اعمامي وأهلي(البنادق دي لشنو) في كل بيت ومكان فكان جوابهم دفاعا عن الوطن
× يقصدون السودان؟
– لم يكن لدي علم بشئ أسمه السودان , وبدأت أسال بشغف عن السودان وين بقية الناس وليه الحرب والطرف البهناك منو
× أنت تنتمي لحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور؟
– هذا طبيعي جدا وكنت أسأل الضباط من حولي في الجبال ما المقصود بتحرير السودان فقال لي , نحن متمردون في كفاح مقدس ضد الظلم ولأجل القانون
× بدأت تفهم القصة؟
– بدأت أتعلم كلمة السودان وهو بلدي وأهلي لكني لم أري الأخرين من وطني
× بقية السودان؟
– ما شفتا الناس التانين في بلدي
× أنها الحرب؟
– فتحنا عيونا علي الحرب وليس المدارس واللعب
× شاهدت كل شئ بعينيك؟
– وقسما بالله العظيم كل شئ جري أمام عيوني
× بل كنت جزء من الحدث؟
– طبعا وانا ضحية الحرب
× هل أنت الان بخير؟
– الحمدلله واريد أن أخدم وطني
× أنت من مواليد جبل مرة؟
– من مواليد جبل مرة 2001
× انت مازلت صغير جدا وتحكي عن الحرب والوطن؟
– دخلت المدرسة 2011 الصف الثالث طوالي بلهجتي الفوراوية ولم أتعلم اللغة العربية إلا لاحقا بعد أستفزاز التلاميذ لي وكان تحدي كبير وكنت أحلم بتعلم حرف وحرفين قدام أهلي
× دعنا ندخل للغريق تفاصيل الحرب بعيونك؟
– شاهدت الموت والإغتصاب والضرب والنهب والتعذيب للأهل كلهم
× نحكي؟
– كنا نمشي المدرسة والجنجويد يلاقونا بأسئلة يومية أنتو منو وفلان وين وماشين وين , مع الضرب والخطف لأيام
× غالبا ما يكون معكم بنات؟
– شاهدتهم يغتصبون أختي أمام عيوني وحدث مثل هذا لأخرين وهم يشاهدون إغتصاب أمهاتهم وأخواتهم و زوجاتهم
× ما ممكن؟
– حدث هذا أمام عيوني والله علي ما أقول شهيد
× وبعدين؟
– كان أهلي في حيرة من أمرهم لو أحتاجوا الذهاب للسوق مع الحوجة الشديدة
× كييييف؟
– شراء سكر وملح قد يكلفك حياتك
× وأنتم في وسط هذه الحرب معزولين فوق الجبال؟
– كنا نعيش علي أمل وحيد
× مثل؟
-أن نموت شهداء ونلتقي بالأهل كلهم في الجنة
× أنها أخر الأمنيات؟
– نعم كنا نسمع هذا من أمهاتنا حينما نذهب للمدرسة ومتوقع أن لا نعود (لو ما رجعتوا نتلاقي في الجنة يا ولدي)
× هل ستعود الي قريتك قريبا؟
– تم حرقها بالكامل
× كيف تجرئ هذه الحرب؟
– غالبا ما ينتشر الخبر بهجوم قريب فنهرب الي الوادئ وهو الجزء العميق عبارة عن غابات وجبال صغيرة
× وهناك؟
– والله العظيم مرة ثلاث أيام عشنا أطفال وكبار بدون أي طعام , كنا ناكل صفق الشجر وحينما يعثرون علي رطل سكر يوزع بكفة اليد للأمهات لسقي الاطفال أولا مع لبن الرضاعة
× شئ صعب؟
– كنا ناكل وجبة واحدة هي العشاء لأهميتها مع الليل وكنا نتلو القرأن جماعيا لو متنا نموت عليه باصواتنا
× لابد من إنفراج؟
– الإنفراج كان يجينا من الخواجات جنبنا ناس منظمات , كانوا رحماء بنا , وكنا ننتظر(بسكويت الخواجة) بفرح غريب وكانوا يوفرون العدس والبصل حتي منعتهم حكومة المخلوع
× كيف تفهم شعاركم(حركة تحرير السودان) , (التحرير من منو)؟
– كنت ضد هذا الشعار ومتمسك بشعار(تحرير دارفور)
× وبعدين كمان؟
– فهمت أخيرا وطنيتهم نحو تحرير كل السودان
× كيف خرجت من القرية تحت قصف الأنتينوف ذات يوم؟
– ركبت حماري ونزلت الوادي بعد سماع خبر الهجوم
× أخواتك أمك وابوك؟
– في تلك اللحظة نخرج جميعا نتشتت في الوادئ علي أمل نلتقي مرة أخري أحياء وكان هذا الإحتمال دوما ضعيف
× وحينما وصلت بحمارك؟
– أصيب حماري (بالطرش) بصوت الإنتينوف وحينما وصلت الودائ وجدت أمي وأخواتي , وكان عمر جديد
× أول يوم في المدرسة 2012 ؟
– نعم وعمري 11 سنة ذهبت للصف الثالث طوالي
× في نيرتتي؟
– أول مرة شفت التفزيون في نيرتتي , كنت أخاف الإقتراب منه ومن داخله ناس وحاولت أطلع الزول من وراء الشاشة
× أنها الحرب؟
– طنا يوميا وجماعيا ندعي في صلواتنا يعذب المخلوع ويموت شر موتة
× هل كنت تعرف عنه أي شئ بكونه سبب الحرب ورئيس الجمهورية؟
– مرة جابو صورة معه رجل أخر , سألنا دا منو فقالو البشير وسلفاكير , قطعنا صورتو وحرقناها
× ما أسم قريتك؟
– (كتروم) صعب تكتب اللغة العربية
× كيف وجدت المدرسة والمنهج لعلك تعرفت علي بقية السودان من خلال المنهج القومي؟
– بكل أسف لم أجد أهلي في المنهج
× ماذا كنت تفعل مع هجوم الأعداء؟
– كنت أملأ الخزائن بالزخيرة وأجهزها
× وأين تذهبون بالجرحي؟
– كنت أحمل الجرحي علي حماري(إسعاف)
× كنتم عيال الحرب؟
– كنا أيضا عيال الجوع , وجبة بسيطة من عصيدة الدخن ناكلها ليلا لانو الدنيا ما مضمونة
× شئ قاسئ 3 أيام بدون أكل (كما ذكرت لي)؟
– إلا ورق الشجر ولبن الأمهات للأطفال
× كيف عدت الي نيرتتي؟
– كنت أتنفس البارود بعد أيام صعب معه لأن الجو كله مليان بالبارود وكنت أستنشقه
× وشاهدت التلفزيون وخفت منه؟
– نعم بصراحة هذا ما حصل وكان عالم خيالي بالنسبة لي
× من كان يحفزك عي مستقبل الدراسة في مناخ البارود؟
– أبوي الوحيد الذي يفهمني جيدا وحفزني لحفظ فرائض الوضوء ب50 ج تكفي لشراء بنطلون وقميص وأشتريت من نيالا 130 كتب دفعة واحدة
× تقدمت بسرعة؟
– صرت قدوة للأهل حينما رفضت طريق الغرام كما يفعل من هم في عمري وأخترت خدمة وطني
× حدثني عن أول زيارة لنيالا قبل أن تشتري منها 130 كتاب؟
– كانت زيارة عجيبة باللاندكروزر مع شحنة برتقال تخص أبوي ولأول مرة شادهت الظلت وشرطة المرور والاستوب بالانوار والعمارات والناس مبسوطة في كل مكان
× عكس قري جبل مرة؟
– تماما وفي مدينة كأس أكتشفت العالم كلوا , كهرباء موية مدارس وناس تضحك وتاكل وتسافر , عجبني المنظر وكنت أتمني أكون جزء من هؤلاء ومعي كل أهلي
× حياة؟
– ناس مبسوطة جدا وناس عايشة
× أول شئ شاهدته في مدينة كأس قبل نيالا؟
– صهريج الموية واللافتة(مرحبا بكم في مدينة كأس)
× وما الذي أدهشك؟
– كيف تطلع الناس دي في العمارة الطويلة دي
× وكيف حدثك الوالد عن تلك البلاد؟
– أبوي دفعة أحمد إبراهيم دريج , قال لي كان الوضع أجمل من كدا بكتير , تعلمنا بالمجان في المدارس المتوسطة
× و سوق نيالا بذلك التوقيت؟
– الكافتريات عالم من الخيال , الباسطة والجوافة والسمك
× أبوك سندك الحقيقي؟
– أبوي إنسان بسيط لكنه فاهم الحياة من حولنا وماذا فقدنا من طفولة وأستقرار وجاب لينا في نيرتتي الطاقة الشمسية وصرت افهم الحياة
× نيرتتي صاحبة الإعتصام الأخير؟
– في أول عهدها معي تم إستفزازي بكوني (جبالي) لا أفهم اللغة العربية ولساني عجمي
× حتي نيرتتي؟
– تخيل
× ماذا فعلت في نيالا مع شراء الكتب؟
– درست حاسوب وإسعافات أولية
× إسعافات أولية(هذا شئ مهم لصبي قادم من الحروب)؟
– تصور كنا نقطع مسافة 50 كيلو لطعنة حقنة
× تخرجت بخبرة تمريض؟
– و أول درب اركبو بشكل سليم كان لابوي حينما وقع من فرع شجرة منقة
× أنبسطوا أهلك من حولك؟
– أنبساطة حقيقية وكانه إنتصار في حرب
× أطول يوم لصبي مثلك؟
– وفاة الوالدة 2016
× أستغرب لجوع في بلد البرتقال؟
– لانك لا تعرف أن جنائن البرتقال وغيرها تحتاج لتهوية وفضاء وتكون بعيدة لانو الوديان فيها هواء , وبالتالي فيها مخاطر حد الموت في حالة حربنا
× حينما تسمعون طلقة الحرب اول لحظة؟
– قلب الأم يخطف الخفيف من أبنائها للهروب والنجاة
× خطابك الحالي؟
– محاربة مظاهر التخلف العقلي في دعاة العنصرية , واللعنة علي الذين علمونا الكراهية وأن نكره بعضنا البعض , هؤلاء الجهلاء لا يعرفون أصل البشرية ونعيم الإسلام وجمال المساوة
× عجبتني (جمال المساوة)؟
– سيوحدنا المطر وستوحدنا الشمس وأستغرب لإنسان بالغ عاقل متدين باي دين أن ينفخ في نار العنصرية والتفرقة بين الناس