Uncategorized

المخابرات المضادة ، وجهاز المناعة

 

فرضية التنافس الإستخباري التقليدي ( الإختراق والسيطرة) بين كآفة أجهزة المخابرات الإقليمية والعالمية ، تظل حقيقة ماثلة ضمن ما يُعرف بصراع الحضارات أو لعبة الأمم ، هذا حقيقة وواقع لا يختلف حوله إثنان ، أضيفت لها مؤخراً سباق التنافس و النفوذ والمصالح ، حيث. تظل “الجاسوسية و العمالة والتخابر” ، إحدى أنجع وأسرع الوسائل في تحقيق تلك الاهداف.

أنسب التوقيتات والظروف التي يُمكن أن تتم فيها عمليات “التجنيد ، التنشيط ، التفعيل” كالتي تمر بها الدولة السُودانية حالياً من كل النواحى ، حيث يضج المشهد السوداني بفوضى “سياسية خلاقة” ،قد تجعل من السودان مسرحاً لذلك الصراع الإستخباري بوجهيه الإقليمي والدولي ،.سيما وانه بموقعه الجغرافى الإستراتيجي جعله لقمة سائقة فى فك المخابرات الإقليمية والأجنبية.

بإستثمار وإستغلال الصراع السياسي الراهن والأوضاع الراهنة عموما التى بدأت بعد التغيير ومنذ ثلاثة سنوات ، تعاظم الخطر والمهدد الخارجي ، مقابل تغازم وتواضع المكافحة والمقاومة ، وظنى فى.ذلك القصور يعود بالأساس الى “شيطنة” القوات النظامية كواحدة من كوابح الجوامح وخطوط الدفاع الأول – خاصة الأمنية والإستخبارية منها – وهنا يكون السؤال المهم ، هل إضعاف جهاز الامن القومى وشيطنته وكف يده وتحديد صلاحياته فى جمع المعلومات ورفعها “فقط” منذ “البداية ” ، كان في إطار التمهيد والتحكم والسيطرة على السودان ؟ وإن كان الأمر غير هذا ، فبركة وشيطنة سياسية تلاشت وزالت ؟ فلماذا لم تتلاشى وتزول تبعيتها وآثارها الباقية في جسد الجهاز والقوات النظامية المعنية بحماية الأمن القومى وحفظه.

بالتأكيد لن يتوانى المتربصون من أعداء السودان في اعادة انتاج سيناريو الحرب على القوات النظامية واستهدافها وشيطنة اجهزة الإستشعار والتنبؤ والإخبار بالنبأ اليقين حال شعرت بأى تحسن طرأ آدائها – على راسها مؤسسة جهاز الأمن – الذى يتخذ من طائر “الهُدهُد” شعاراً له – قبل فقده أحد جناحيه (الأمن) فى الحرب الأولى والتي خاضها إبان فترة الهياج الثوري والعاطفي.

فى خضم هذا التكالب والتسابق والإستهداف الخارجى يحاول طائر الهُدهُد التحليق مجدداً بجناحه الواحد المعطوب،-المخابرات – فمؤخراً وعقب قرار البرهان في الرابع من يونيو المعروفة ، زادت وتيرة الحراك السياسى والمبادرات السياسية الداخلية، وبالطبع زاد معها التدخل الإقليمى والدولى الإستخبارى بنوعيه ” حسُن النية ، وسيئها” ، حيث جرت وتجرى محاولات إنعاش وإفاقة طائر الهُدهُد من أجل التحليق فى الأجواء المشبعة بالغيوم والضباب السياسي والأمني والمخابراتي ، حيث اتوقع ان يكون الإستهداف والجولة الثانية من الحرب القادمة – التي بدأت مؤشراتها اشد ضراوة من سابقتها.

لاشك أن أعداء.الوطن والمتربصون يدركون جيداً بأن عودة الجهاز – بغض النظر عن التحفظات والإتهامات السابقة واللاحقة والتب لم يتم إثباتها بصورة قاطعة ومقنعة ، بحيث إعتبرها كثير من المراقبين بأنها في إطار التكتيك السياسي – لممارسة دوره الطبيعي والمتعارف عليه بين كآفة الأجهزة الإقليمية والدولية تحول دون صيدِهِم في الماء العكر .

إن كان الجهاز قد تجاوز الحرب الأُولى بسلام وإستطاع الإنحناءة أمام العاصفة وإحتساب خسائره “المادية والمعنوية” في سبيل غاية أسمى وهي سلامة وأمن الوطن ، ولأسباب وموانع كثيرة كانت بمثابة الحصن الحصين له.

الآن تلاشت تلك الأسباب والموانع والمضادات الحيوية ، فالجهاز لن يقوى او يصمد طويلاً مع هذه الحرب الضروس ، خصوصاً انه خسِر في المعركة الأُولى أهم خطوط دفاعه الأمامية والخلفية ممثلة فى إدارتي (الإعلام والقانونية) ،واصبح مكشوف “المواجهة” بفقده للإعلام المهني الإيجابي الذي لم يصمد أمام الهجوم الإعلامي المضاد و الممنهج، وكذلك فقده ل “الظهر” بفقده لإدارته القانونية التي حار بها الدليل في ملاحقة السيل الجارف من الإتهامات والدعاوى ، والتي في غالبها مفتعلة بغرض خلخلة وزعزعة اهم دفاعات الجهاز حتى يسهُل الإجهاز عليه لاحقاً.

نعم الأمر برمُته يبدو من الوهلة الأولى خلاف وإختلاف مفاهيمي ومبدئي حول الجهاز ودوره وتأثيره خلال الثلاث عقود ، ولكن لأ أستبعد وجود سيناريو “سياسي إستخباري مضاد” في إطار إستهداف الأمن القومي السوداني .

الأمر يتطلب من الجميع رفع درجة الحس الوطني قبل الأمني وتحكيم صوت العقل والمنطق في هذا التوقيت والظرف الذي يمُر به السُودان ومن تهديد لوحدته الوطنية، وعلى القائمين على أمر مؤسسة الجهاز (الإنتباهة) و (الحيطة والحذر )، وذلك بالتخطيط المهني المدروس لإدارة هذه الازمة ، بعد دراستها جملةً وتفصيلاً ، بما في ذلك أخطاء وسلبيات الماضي لإستشراف المستقبل.

بالضرورة بماكان.الخروج برؤية وتصور يحقق الاهداف المرجوة وقيام الجهاز بالدور المنوط به دون تكرار الخسائر السابقة ، ودون ترك ثغرة يلج من خلالها المتربصون وأعداء الوطن ، الذين لن يهدأ لهم بال إلا بتحقيق مآربهم وكيدهم ، كادهم الله ووقًى البلاد والعباد من شرهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى