الجزولي يتوعد الجيش بالزحف نحو العاصمة ان قبل التسوية ،و يغرد خارج سرب القوى المعارضة
استمعت لتسجيل العشر دقايق لدكتور (الهندسة النفسية) الذي ارغي فيه و ازبد و صب جام غضبه على المؤسسة العسكرية التي اتهم فيه القائد العام بنقض العهد امام الشعب السوداني بالعودة الي الحوار في سبيل التوصل إلى حل لازمة البلاد ٠ و قد وصل به التبجح في حق القوات المسلحة ان اعطاها مهلة لساعات لكي تنفي ما تواتر عن اجتماع لها مع قحت المجلس المركزي و الا ان صح ما أثير عن تسوية ثنائية سيوجه ما اسماه تجمع نداء اهل السودان توجيهات الي الشعب السوداني في القري و الحضر للزحف نحو العاصمة!!!!!
لا اعتقد بوجود اي شخص في هذه البسيطة يجرؤ لمخاطبة المؤسسة العسكرية في بلاده بمثل هذا الاسلوب في حق المؤسسة العسكرية ،بل ان امين اعلام حزب الدكتور تحدث حتي عن البحث عن قيادة جديدة للبلاد٠
( إن لم تفي قيادة المكون العسكري بإلتزامها بتكوين حكومة كفاءات مستقلة واعادت قحت المركزي إلى السلطة فقد خسرت التيار الوطني العريض ولن نصدق أي تعهدات لهما ولو اقسموا عليها قسما مغلظا بين الحجر والمقام وعلى التيار الوطني العريض البحث عن قيادة جديدة للبلاد ).
اما عن مضمون ما تفوه به في حق المكون العسكري الممثل لجيش قومي يدافع عن سيادة الدولة و هييتها لقرن من الزمان ،فأقول له ما يلي و له الحق في تفنيد ما ذهبت اليه من قول إن شاء ٠
اولا : المكون العسكري طالما هو علي سدة الحكم فهو بديهيا ٠٠٠By Definition هو كيان سياسي مثله مثل اي كيان سياسي اخر في الساحة الي ان يعود إلى ثكناته٠
حسنا فعل المكون العسكري الحاكم الي العملية الحوارية و اصلا لم يكن من اساس علي الاطلاق لانسحابه منها،اذ كيف ينسحب و هو الطرف الرئيس في الأزمة!!
في اي بقعة في العالم عندما تكون هناك أزمة سياسية لا بد من شرطين في سبيل حلها:
اولا: تعريف الأزمة و ملابساتها و تحديد طرفي الأزمة فالازمة، المكون العسكري شريك و طرف اصيل فيها منذ ان اطلت برأسها في 25 اكتوبر الماضي ٠
ثانيا : لكل أزمة سياسية طرفان و في حالة السودان طرفا الأزمة هما المكون العسكري الحاكم كحكومة و القوي الثورية بحراكها في الشارع و القوى السياسية و المدنية المناهضة للانقلاب كمعارضة.
و لذلك. لا اري اي غضاضة في عودة الَمكون العسكري الحاكم كطرف في الأزمة الي الحوار و الشاذ هو انسحابه منه ،اذ في حالة انسحابه ، من يا ترى يحاور او يفاوض من؛؟؟
فكيان نداء اهل السودان ليس البته طرفا فهو متماهي مع السلطة الانقلابية، بل يصر في اعلانه السياسي الي بقاء المَكون العسكري علي رأس الدولة و لا قوي التوافق الوطني الشريكة في السلطة مع المكون العسكري منذ ان اعدت المسرح و استدعت هذا الإنقلاب و التي تنحوا نفس المنحى في صيغة هي حمالة اوجه تصر علي استمرار المؤسسة العسكرية باي صورة في العملية السياسية٠
و حتي قوي الحراك الوطني لها الحق ان تكن ضمن اي معادلة سياسية ابان الفترة الانتقالية ٠شانها شان المؤتمر الوطني الذي شاركته الحكم .
و لعل وجه الغرابة و الدهشة و الحيرة هذا هو بإمتياز عطاء من لا يملك لمن لا يرغب ،فكلا البرهان و حميدتي التزما امام الشعب و امام كل المبعوثين و حتي في منبر الجمعية العمومية العادية للأمم المتحدة الأخيرة حيث شارك البرهان٠و حتي مؤخرا قي اجتماعه مع الثلاثية و مؤخراً في كدباس حيث قال بالبلدي (هادي طرفنا من السلطة و المدنيون يشكلون مجلس سيادة مدني، مجلس وزارء مدني، َما عندنا شغله) اي التزام امام الشعب السوداني و امام المجتمع الدولي بانسحاب الجيش من السلطة و العودة الي ثكناته مسؤولا عن أمن و دفاع الوطن و حراسة حدوده و دستوره٠
و لذلك لا ادري السبب وراء تمسك من هم اصلا ليسوا بطرف في الأزمة ببقاء الجيش في السلطة ٠٠!!و ما هو السر وراء ذلك الإصرار؟!!!!!
و لعل هناك حجة مردودة لمن يدفع بها و هي ضرورة بقاء الجيش في السلطة نسبة لهشاشة الوضع الأمني في البلاد و لعل العكس هو الصحيح ،فالجيش و شركاؤه من حركات الكفاح المسلح في السلطة بتعدد مليشاتهم و أجهزة أمنية و شرطية أخرى هل ساهمت في استتباب الأمن في البلاد طيلة العام من عمر الانقلاب ٠بل بالعكس فقد شغلتهم السلطة عن اداء مهامهم في حفظ الأمن و الاستقرار السياسي و إنفاذ اي بند من بنود السلام و بصفة خاصة الترتيبات الأمنية ٠٠٠فقد روع المواطنين في الطرق في اماكن سكنهم ٠٠الم يقل البرهان نفسه في إفطار ياسر العطا ٠٠((ان المواطن لم يعد آمنا في بيته))!! و قد سالت دماء الشباب في شوارع الخرطوم و استمر نزيف الدم في دارفور و كردفان و شرق السودان ٠فضلا عن تمدد الصراعات القبلية ٠٠٠بل ان حركات الكفاح المسلح ٠٠٠٠باعترافها ٠٠٠شاركت في نهب منقولات برنامج الغذاء العالمي و اليوناميد٠٠٠التي كان من المفترض ان تقوم قوة مشتركة بين الجيش و هذه الحركات بملء الفراغ الامني و تعمل علي حماية المدنيين اثر انسحاب البعثة الأممية ٠٠٠٠٠إلا ان شيئا من هذا القبيل لم يحدث ٠٠
الملاحظ في كل مداخلات الجزولي و من لف لفه في مبادرات نداء اهل السودان و التوافق و الحراك الوطني ٠٠ان لا احد منهم يفتح الله له بكلمة واحدة للحديث عما آلت إليه الأوضاع بعد الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي ٠٠و ما تكرموا علي الاجراءات الانقلابية من اطراء، و تماهي و قد صورتها في البداية و كأنها تحمل عصا موسي لكي تحدث التوافق السياسي و الاستقرار و الامن في البلاد، و تضع حدا للتشظي السياسي و للمهدد الامني الذي دفعوا بها لاستدعاء العسكر للانقضاض على السلطة و فض الشراكة مع ما اسموها (( بأربعة طويلة)) ٠٠و كانهم لم يكونوا شركاء هَم و العسكر في اخفاقات حكومة د٠ حمدوَك ٠٠
و لسخرية القدر وصفوا ما حدث في 25 أكتوبر بتصحيح المسار٠٠تواروا خجلا ٠٠٠بخلاف قيادة سلطة الامر الواقع التي اعترفت بفشل الإنقلاب و كما قال حميدتي ان السودان أصبح فضيحة في الخارج و ان الوضع أسوأ مما كان عليه قبل ٢٥ اكتوبر ٠٠بل ان بعضهم قال ان البلاد وصلت إلى حالة اللادولة٠٠هذا هو حصاد هشيم تصحيح المسار٠٠قتل للشباب و اصابتهمَ بالالاف ٠٠الاعتقالات و الحجر علي حرية العمل الإعلامي و العودة لمربع الاعلام الموجه٠٠٠انفلات امني و صراعات قبلية و إنهيار اقتصادي ٠٠٠غير مسبوق حيث لا موارد للدولة غير الجبايات و جيب المواطن حسب اقرار وزير المالية بنفسه ٠٠عزلة دولية و إقليمية ٠٠تعليق عضوية إلسودان في الإتحاد الأفريقي و تعليق كل المساعدات الدولية و قطيعة تامة مع المؤسسات المالية الدولية متعددة الأطراف و مسار إعفاء الديون في إطار مبادرة الهيبك و نادي باريس ٠٠و لعل وزير المالية الذي يشارك حاليآ في واشنطن في اجتماعات البنك الدولى و صندوق النقد اعترف ان لا سبيل ان يحصل على شئ من هذه المشاركة و انه سيعود بخفي حنين من العاصمة الأمريكية ٠٠و لا سبيل لتطبيع العلاقات مع المجتمع الدولي الا في ظل حكومة مدنية كامله ٠٠٠و هذا ما ذكره وزير الماليه في تصريح له في واشنطن ٠٠
اتحدي الجزولي و من لف لفه في مبادرات أهل السودان و التوافق الوطني و الحراك الوطني ان يذكرونا بتصريح واحدة عن مكتسبات ما أسموه بتصحيح المسار٠٠الذي قوض كل مكتسبات الثورة في عهد حكومة د٠ حمدوك ٠٠٠٠بل انهم في اسطوانة مشروخة يتجاهلون اخفاقات ما صنعوه بأيديهم ٠٠و يصورون الأزمة و كأنها صراع بين مدنيين و مدنيين ٠٠ناسون او متناسون ان المكون العسكري الذي هللوا بانقلابه هو الطرف الرئيس في الأزمة و انهم بتماهيهم مع العسكر ليسوا بطرف حتى تشملهم العملية التفاوضية ٠٠٠
و لكن كما ذكرت آنفا ان المكون العسكري خلص الي ضرورة العودة للحوار مع أصحاب المصلحة٠٠ كما وصفتهم الثلاثية ٠٠هم القوى السياسية و الثورية والمدنية المناهضة لإجراءات ٢٥ اكتوبر و التي تسعى لإسقاط الإنقلاب و استعادة مسار التحول الديمقراطي مدعومة من الحراك الثوري و ضغوط المجتمع الدولي ٠٠
و عليه لا اري اي غضاضة في ان يلتقى المكون العسكري في اي صورة من الصور مع الطرف الثاني في الأزمة، الحرية و التغيير التي هي احدي المكونات السياسية و الثورية والمدنية و الاهلية المؤيدة للتحول الديمقراطي و لأهداف ثورة ديسمبر المجيدة ٠٠٠
اخيرا ببدو ان دكتور =الهندسة المدنية لم يقرا جيدا لا مسودة مشروع الدستور الذي صاغته تيسيرية نقابة المحامين من خلال ورشة استمرت لثلاثة أيام و اعقبتها لجان الصياغةِ ٠٠ورشة شارك فيها قطاع عريض من مكونات سياسية و قانونية و أكاديمية و مجتمعية و اهلية.و شبابية و نسائية ٠٠و لعل هذا المشروع يخاطب كافة مشاغل القوي الثورية و الهدف الموحد الذي يتمثل في إنهاء الانقلاب و استعادة مسار التحول الديمقراطي ٠٠٠
و الحل هكذا، فليأتينا الجزولي و لَو بشولة او نقطة تشير ٠٠٠٠كما زعم ٠٠ان قحت المجلس المركزي هي التي ستعود إلى السلطة بموجب هذه الوثيقة الدستورية المقترحة او هي التي سيشكل الحكومة من شخصيات حزبية ٠٠!! او اي اشارة ما لقحت في مشروع الدستور المقترح ٠
كما ارجوه إيضا ان يخبرنا من اين اتي بهذا الطلس حول سعي قحت المجلس المركزي الي العودة للسلطة من خلال تسوية ثنائية كما اسماها مع العسكر ٠من اين له هذا الزعم المضلل و تغبيش الحقائق و استحمار العقول و كانه يخاطب بشرا في كوكب المريخ!!!
لعل حتي ما رشح من تسريبات حول لقاء قحت المجلس المركزي مع المكون العسكري مؤخراً تم نشره في الوسائط الإعلامية، كما ان قحت المجلس المركزي اصدرت بيانا حول الموضوع و اكدت كما أكدت من قبل في الفضائيات و وسائل التواصل الاجتماعي و الندوات و البيانات الصحفية منذ فجر الإنقلاب و ان لا عودة إلى ما قبل 25 اكتوبر و ان لا شراكة للعسكر في السلطة و ان اي اتفاق مع المؤسسة العسكرية لا يستصحب تحقيق أهداف الحراك الثوري و ثورة ديسمبر و لا يحظى بتوافق عريض مع كافة قوي الثورة الحية هو مرفوض من جانبهم٠.
كما أكدت مرارا و تكرارا ان لا مشاركة و لا محاصصة حزبية في تشكيل كافة هياكل الدولة و ان المشاركة فيها تكون لكفاءات وطنية غير حزبية ٠
فيما يلي مقتطفات من تصريح صحفي للمكتب التنفيذي يفند ٠٠علي هامش اللغط ما اثير حول اتفاق ثنائي بين قحت المجلس المركزي و المكون العسكري :
(تؤكد قوى الحرية والتغيير عدم صحة الأخبار المتداولة عن وجود أي اتفاق قد تم، وأنها لن تمضي في أي حل سياسي دون توافق عريض يشمل قوى الثورة والانتقال الديمقراطي.
تجدد قوى الحرية والتغيير تأكيد موقفها الثابت بأن الحل السياسي المقبول للتحالف هو الذي يؤدي لطي صفحة الانقلاب كلياً، وتأسيس سلطة مدنية كاملة، وينأى بالمؤسسة العسكرية عن العمل السياسي ويقود لجيش واحد مهني وقومي).
ختاما، ان إغراق المشهد السياسي باوكازيون مبادرات و مرجعيات التوافق الوطني تحدث عن خمس مرجعيات و تعدد لأطراف الازمة هو الذي اطال من امد التوصل إلى حل لهذه الأزمة التي قذفت بالبلاد نحو المجهول منذ الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي ، و لذلك فإن لقاء المكون العسكري باعتباره الطرف الاول مع أطراف الأزمة الذين يمثلون رغبة الشارع و الذين يؤمنون بالتحول الديمقراطي و تحقيق أهداف الثورة ،خطوة إيجابية و في الاتجاه الصحيح ،و هو المسار الاوحد الذي من شأنه ان يخرج هذه البلاد من عنق الزجاجة و يقيها شر المخاطر التي تحيق بها٠
و لا سبيل لتجميع هذه المبادرات و التوفيق بينها، كما ينادي البعض لأن أصحابها يقفون علي طرفي نقيض ،فسطاط يصر على بقاء العسكر في السلطة و فسطاط آخر يرى ضرورة إبعاد المؤسسة العسكرية عن السلطة، و التفرغ لمهامها المنصوص عليها في الدستور و في قوانينها٠
لا اعتقد ان الوضع سيبقى على ما هو عليه أكثر من ذلك٠فالبلاد على شفا جرف من الانهيار التام. ،فإما توافق بين الحكومة والمعارضة يفضي إلى إنهاء الانقلاب و استعادة مسار التحول الديمقراطي، او تبقي البلاد مفتوحة امام موجة ديسمبرية اخري للثورة ، و يستمر الحراك الثوري الي ان يقضي الله أمرا كان مفعولا٠