الفريق أول ركن / محمد بشير سليمان يكتب : القوات المسلحة والاستهداف ..ما المخبوء خلف ترديد إسم المؤسسة العسكرية ؟
حين بدأت الكتابة عن ” استراتيجية تفكيك الجيش السوداني مابين العمالة والجاسوسية ” من خلال توثيق تاريخي لدور القوى السياسة السودانية ، كافة ، التي حكمت ، او التي كانت في المعارضة ، وإلى هذا الحين ، والقوى الدولية ، والاقليمية ، والمنظمات ، وعلى رأسها المنظمة الامنية عبر مندوبها ( فولكر السودان الجديد ) انتظارا للقادم والأسوأ الذي يخطط تدبيرا محكما لإزالة اعظم مؤسسة سودانية من خارطة الوجود من بين المؤسسات القومية بحسبان أن بقاء الدولة السودانية سوف ينتهي يوم ان تختفي القوات المسلحة من عالم الوجود الوطني. ودون دون شك وباكتمال مراحل ، هذا الاستهداف الخبيث الذي تتولى شأنه تخطيطا وإدارة أمريكا ، وحليفتها اسرائيل ، هذه الدولة التي ما انفك العالم يعيش شرورها كشيطان خلق لإغواء البشرية وشقائها ، وربيباتها من دول لم يكن لها من عمل غير زرع الفتن ، وهدم القيم والاخلاق ، تنفيذا للمخطط الصهيوامريكي ، الذي يهدف لحكم العالم تلبية لرغباته الشيطانية من خلال علمانية تستهدف الانسان وقيمه مجردة له من كريم الحياة ، والعيش الآمن ، حيث يتم العمل بينها من قبل ، والآن في تناغم استراتيجي خبيث ، هادفة إلى تسريح القوات المسلحة السودانية التي تحكي عظمة تاريخ امة شامخة. تملؤها العزة والفخار ، دون الانكسار ، حفاظا على وحدة هذا الوطن المستهدف في وحدته عبر انهاء أي وجود لهذه القوات .
لقد تردد في هذه الآونة الأخيرة كثيرا في البيئة الوطنية السودانية المتحركة في كل ساعة وحين . ترديد إسم ” المؤسسة العسكرية ” دون أن يذكر إسم القوات المسلحة ، حيث ظلمنا نسمه ذلك ، تصريحات القيادة السياسية العسكرية ، وقائد الدعم السريع ، والمستشار الإعلامي للقائد العام ، وهو ما سارت عليه وسائل الإعلام ، ليتردد في العقل والقلب تساؤلا من المفترض أن يتردد عند كل من عمل بالقوات المسلحة ، وعشقها ، والذي يتمثل في اسقاط إسم القوات المسلحة ، ليتم تذويبها في إسم المؤسسة العسكرية ، وهو ما يعني وبالمفهوم العام أن منهج التفكيك بادئ من داخلها .
ذلك ما حفزني وحرك كوامن كثيرة ، وتاريخ لا ينسى لهذه القوات التي يبدو أن مؤامرة تلاشيها يتعدد عدد الفاعلين فيها ، وفي ذلك كان لابد من البحث ، والتقصي لتحديد المرجعيات كافة والتي عبر تحليلها يستبين الخيط وآن رفيع ، بادئا بقراءة سريعة للمشهد السياسي الوطني المضطرب ، وما يجري فيه من تقاطعات سياسية ، واستهداف ، وحقد وكراهية بات معروف من يخطط لها ويقودها تحقيقا لهدف التفكيك الذي تشهده الساحة السياسية ليس تجاه القوات المسلحة وحدها ، بل استهداف كل جسم سياسي ضد الآخر ، بعيدا عن كل ما يجمع أهل السودان قوميا ، ومن منظور حقوق المواطنة ، حفاظا على وحدة هذا الوطن الذي نراه الآن في حافة الهاوية ، والذي سوف يتفكك ساعة تفكيك القوات المسلحة ، وحينها ، سوف نكون بلا وطن ، ولكل أن يقرأ المشهد الوطني الحقيقي حينها ، وان غابت عنا عنه الآن الصورة الحقيقية بكل كارثيتها . ذلك الذي استوقفني حين باتت واذني تسمعان تكرار إسم المؤسسة العسكرية يتردد كثيرا ، ليكون وفقا لهذا التكرار مألوف ، ثم واقعا في الحياة السودانية . لكل كان قراري بضروة تأجيل ما كنت اكتب عنه بالرغم من أهميته ، على ان ارجع له بعد استجلاء ما وراء الإسم الجديد . (المؤسسة العسكرية) ، والذي سأبدأ فيه بالحديث عن ما حددته المراجع من دستور ، وقوانين ، بحسبان انها الوثائق التي يتم عبرها تسمية المؤسسات القومية ، كتسمية الدول لجيوشها ، ومؤسساتها القومية تعريفا لها . فكانت حصيلة ذلك حسب الوثائق الدستورية والقانونية لجمهورية السودان كالآتي :-
* جاءت تسمية القوات المسلحة القومية، في الباب التاسع ، الفصل الأول ، المادة ١٤٤ – ١ ، من دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة ٢٠٠٥ ، والذي لم تغيره الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة ٢٠١٩ كالآتي :- .” تظل القوات المسلحة السودانية ” ، والجيش الشعبي لتحرير السودان ، منفصلة ، وتكون قوات مسلحة نظامية ، واحترافية ، وغير حزبية ، وتعامل معاملة، متساوية ، باعتبارها القوات المسلحة القومية السودانية . ويلاحظ هنا ، ان الاتفاقية حافظت على إسم ” القوات المسلحة ” دون تغيير خلال الفترة الانتقالية للاتفاقية ، وهذا ما أصبح متجاوزا له الآن بحسب ما يتم ترديدا للاسم الجديد ( المؤسسة العسكرية ) ، وهو ما يحتاج لجهة تشريعية منتخبة تحكم فيه تحديدا من خلال الدستور . لذا والرجوع للاسم الجديد ،” المؤسسة العسكرية ” ، ومع الاستهداف للقوات المسلحة ، الذي يسعى لبناء قوات مسلحة لدولة علمانية ، ألا يحسب ذلك بداية للتفكيك المنادى به من أعداء القوات المسلحة ، من جواسيس امريكا وعملائها من قوى المعارضة السودانية ، وتوابعها من بعض الدول ، وتزداد الخطورة إذا جاءت التسمية من الجهات الرسمية التي تتبع لها هذه القوات ، وللحقيقة آن ما يمكن أن يقال هنا لجد كبير ، وخطير ، نصمت عنه تجاهلا ، وليس جهلا .
* ايضا جاء في قانون قوات الدعم السريع . الفصل الثاني ” انشاء القوات ، وأهدافها ، ومهامها ، ومبادئها ، وقيادتها” . (إنشاء قوات الدعم السريع) . المادة ٦- ١ النص الآتي : – تنشأ قوات تسمى “قوات الدعم السريع” وتعمل تحت إمرة القائد الأعلى . وأحسب أن الذي وضع القانون قد تلاعب بمفردات هذه المادة ، بل جعل مواد القانون في تقاطعات مربكة مضاهاة مع قانون القوات المسلحة ، وأحسب ان ذلك قادت إليه الرؤية السياسية التي أنشئت عليها قوات الدعم السريع ، تحويلا لها من قوت الجنجويد ، أداء لمهام سياسية ، تخدم رئيس نظام الانقاذ ، ولذا كان سوء القصد بينا حتى في المعاني الفنية لمصطلحات الكلمات العسكرية . إذ كان عليه أن يحدد نوع تبعية هذه القوات حسب درجات القيادة المعلومة كمصطلح عسكري معلوم للمهنيين بالقوات المسلحة ، وذلك ما لن يفوت على فطنة القارئ. خاصة الذي له قدر قليل من المعرفة السياسية ، ، وفي كل الأحوال نقول أن معنى التبعية يصبح معلوما ، وهو مايضع حدا فاصلا ، يجعل من قوات الدعم السريع غير مكافئة ، أو موازية للقوات المسلحة ، وهو ما يطرح مجموعة تساؤلات بشان المقصود بمسمى المؤسسة العسكرية ، والتي تضم في أحشائها ” القوات المسلحة السودانية بحسب تعريفها الدستوري ، وقوات الدعم السريع ، بتعريفها الدستوري ، وهو ما يفرض السؤآل المنطقي المتمثل في :- ” هل تعني وحدة الاسم أن هنالك تفكيك سيتم عند تنفيذ “اتفاق جوبا لسلام السودان بين حكومة السودان الانتقالية ، وأطراف العملية السلمية” والذي يحدث عن دمج القوات . الذي وبالقراءة الدقيقة له من خلال ” اتفاقية الترتيبات الامنية بين حكومة السودان الانتقالية ، والجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال/ الجبهة الثورية ، والترتيبات الامنية / مسار دارفور ” نجده لا يخلو من مفاهيم التفكيك .
تحدثت سابقا عن اتفاق جوبا للسلام ، والذي حدد الاتجاه القادم لشكل الجيش في السودان ، بدءا من تجاوز إسم القوات المسلحة السودانية ، واستبداله بإسم ” المؤسسة العسكرية ” الذي تلتئم فيه هذه القوات في جسم واحد مع قوات الدعم السريع ، ولبيان ذلك لابد من العودة لما حدد اتفاق جوبا لسلام السودان من تعريف للمؤسسة العسكرية ، وما جاء من تناقضا في ذات الاتجاه ، بين الاتفاقية ، والبروتوكول المشار إليهما سابقا . إذ جاء في الفصل الحادي عشر من اتفاق جوبا لسلام السودان الموقع من قبل ممثل الدولة الراعية ، “دولة جنوب السودان” وممثل حكومة السودان. .. الأجهزة النظامية .. القوات المسلحة .. بحسب ما حددت المادة ٣٥ – ١ . ( القوات المسلحة ، وقوات الدعم السريع ، ” مؤسسة وطنية حامية لوحدة الوطن ولسيادته ، تتبع للقائد العام للقوات المسلحة ، وخاضعة للسلطة السيادية ” ، وذلك ما يماثل ذات التعريف الذي تم بيانه بقانون قوات الدعم السريع ، وهنا يحدث الخلط والالتباس ، وما يهم العسكريين هنا ، وتحديدا عند التخطيط العملياتي موضوع القيادة والسيطرة الذي يبنى عليه النجاح . هناك من يقول أن موضوع القيادة والسيطرة العملياتي امر مقدور عليه تنسيقا ، لكن هذا الموضوع لايبنى ويحقق أهدافه بين عشية وضحاها ، إذ هو بنيان يبنى لبنة لبنة ، هادفا لبناء روح الفريق بين القوات من ادنى السلم إلى أعلاه في كافة المستويات إذ لا يمكن تحقيقه في لحظة الاستنفار العملياتي ، وحتى لا اغوص عميقا في فنيات الموضوع ، أعود لموضوع الاسم ، ” المؤسسة العسكرية” والذي كنت أحسب انه سوف يتم من خلاله توحيد القوتين تحت اسم القوات المسلحة ، خاصة انها الاصل وما عداها فروع ، وهو ما معلوم ومعمول به في كل الدول ، حتى الدول الديمقراطية التي قد تنشئ مليشيات عسكرية تعمل تحت مظلة قانون القوات المسلحة ومفهوم قومي أداء لما يتم تكليفها به لوحدها أو تجميعا مع القوات المسلحة في اتجاه المجهود العملياتي الثانوي وليس في اتجاه المجهود الرئيس ، وعودا لموضوع التناقض داخل وثيقة اتفاق جوبا لسلام السودان ، وملحاقاتها ، نجد ان اتفاقية الترتيبات الأمنية النهائية بين حكومة السودان الانتقالية والجيش الشعبي لتحرير السودان .. شمال / الجبهة التورية وفي إطار مفهوم تفكيك الجيش السوداني حددت في جزء من المادة ١٥ ” (بناء) وتطوير جيش وطني مهني واحد . مع ضرورة الوقوف عند كلمة بناء وما تعنيه نجد ان الاتفاقية لم تورد اسم المؤسسة العسكرية التي تجمع القوات المسلحة ، والدعم السريع ، في عدم التزام واضح بما جاء تعريفا في وثيقة اتفاق جوبا للسلام ، ويتأكد عدم الالتزام هذا في المواد:- (٢١ – ٢٢ – ٢٣ التي تقول .. “تلتزم القوات المسلحة بحماية وتوفير الأمن الأمن الوطني في كل السودان وفق الدستور ” والمادة ٢٤ ) . هذا دون ورود ذكر للمؤسسة العسكرية . فماذا يعني ذلك . كما تنص المادة ٧٦ ( تشكل ثورة ديسمبر المجيدة فرصة نادرة لاصلاح وتطوير وتحديث المؤسسة العسكرية ، وفي ذات الوقت تقول المادة ٧٧ :- ” بناء القوات المسلحة السودانية كجيش وطني مهني غير مسيس ، بعقيدة عسكرية جديدة تمكن التنوع ، ويحمي المصالح الوطنية العليا للبلاد ” . إن ربط هذه المادة مع أهداف ثورة ديسمبر ٢٠١٩ التي حددها الميثاق السياسي ، والوثيقة الدستورية التي اعتبرها الموقعون على اتفاق جوبا للسلام ، المرجعية الأساسية لهم ، والتي اقول انها ايضا جاءت حاملة رؤى ما اشتملت عليه ما يعرف بوثيقة ( نحو عقد إجتماعي ، سياسي ، ثقافي ، جديد في السودان .. السياسات البديلة ) والتي تم اعدادها في بعض الدول الافريقية ، والاوربية ، بواسطة معارضين سودانيين ، وخبراء افارقة وغربيين ، وتحت رعاية واشراف الحركة الشعبية شمال . للقارئ العادي وبدون اجتهاد النيوايا السيئة المخبوءة بين سطور هذه المادة ، والتي تعني تحديدا التفكيك ، بل التسريح الذي يمشي على قدمين وساقين ، ثم إن الملاحظ أيضا في اتفاقية الترتيبات الامنية الموقعة بين حكومة السودان للفترة الانتقالية والجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال / الجبهة الثورية لم يرد فيها أي ذكر ، أو حديث عن المؤسسة العسكرية ، كما حددته وثيقة اتفاق جوبا ، كما لم تذكر أو تشير لقوات الدعم السريع عند دمج قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان في القوات المسلحة السودانية ، وهو ما قد يكون مقصودا لذاته وفق المنطلقات السياسية لقوى اعلان الحرية والتغيير رأيا ، اعتبارا لها بأنها مليشيات ، أو بحكم انها تتبع للقوات المسلحة وفقا لقانونها ، ومن ثم فهي لا تنفصل من القوات المسلحة وبتبعية حددها قانونها ، وعلى كل فإن وثيقة اتفاق جوبا للسلام وملحاقتها الامنية ، أراها تمثل معضلة كبرى عند تنفيذها ، وهذا ما يحتاج النظر فيه ، قراءة وتحليلا ، ومن ثم معالجة من أطرافها ، يتم بها تجاوز معضلات التنفيذ ، ومخاطر الفشل تطبيقا .
في ذات الوقت وعند القراءة التحليلية لبروتوكول الترتيبات الأمنية لمسار دارفور ، والذي سوف اتحدث عنه بذات الرؤية والتحليل الذي تم بشأن اتفاقية الترتيباتالامنية النهائية بين حكومة السودان الانتقالية / الجيش الشعبي لتحرير السودان شمال ، حيث نجد فيه اختلافات واضحة بينه والاتفاقية وفي نقاط جوهرية ، وذلك في مجال استخدام تعريف القوات المسلحة ، اذ سارت على الاتفاق الذي جاء في وثيقة اتفاق جوبا لسلام السودان وفقا لمادة البروتوكول ١- ١٢- ٩ والتي تقول :- ” المؤسسة العسكرية :- تشمل القوات المسلحة السودانية ، وقوات الدعم السريع ” ، واحسب ذلك ما سار عليه القائد العام للقوات المسلحة ، وقائد الدعم السريع ، توافقا ، بل اتفاقا دون تقاطعات ، ليأتي السوآل المنطقي ، أهو توافق يتم من خلاله بقاء الجسمين مستقلين كل عن الآخر ، ام هو اتفاق نهائي ينتهي أو يمحي بتطبيقه إسم القوات المسلحة السودانية ، ام سوف تكون قوات الدعم السريع جيشا قائما بذاته ، مكافئا للقوات المسلحة الحالية ، وكيف يكون ذلك ، بحكم مبادئ التنظيم ، والهيكلة ، ومبادئ القيادة والسيطرة ، ثم كيف سيتم التأسيس لذلك ، والسودان يسير نحو الدولة الديمقراطية التي التي من المعلوم انها لها جيش واحد ، يمثل السيادة ، والوقوف حيادا بين السلطة الحاكمة والمعارضة ، أداء لواجباته حماية الأمن القومي ، والحفاظ علىالوحدة الوطنية ، بعيدا وقريبا من السياسة في إطار الحيادية ، والقومية.
ايضا وفي إطار التقاطع ما بين اتفاقية الترتيبات الامنية ، وبروتوكول الترتيبات الامنية . تقول المادة ١٤- ٢-٢٥-٢٥ ” الإشراف على عمليات دمج قوات حركات الكفاح المسلح/ مسار دارفور في القوات المسلحة ، وقوات الدعم السريع ، وقوات الشرطة الموحدة ، وجهاز المخابرات العامة ، وفق المعايير التي يتم الاتفاق عليها ، مع الاستفادة من التجارب السابقة. ” ، وهنا تبرز النقاط الآتية:-
اولا . ساوى البروتوكول بين القوات المسلحة ، وقوات الدعم السريع ، وهذا ما لم يحدد في قانون قوات الدعم السريع ، وهو ما تسير عليه اتفاقية الترتيبات الأمنية التي تمت بين طرفي اتفاق جوبا لسلام السودان . وإثبات ذلك في عدم ادماج أي قوات من الجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال / الجبهة الثورية في قوات الدعم السريع .
ثانيا :- بناء على ما سبق ذكره في أولا أعلاه كيف سيتم معالجة موضوع دمج قوات حركات دارفور المسلحة ، في إطار مفهوم القومية التي تعامل وتتعامل بها القوات المسلحة ، وهو ما مفترض أن يتم كما سيجري على الجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال / الجبهة الثورية مع القوات المسلحة السودانية ، وبما يخرج قوات الدعم السريع من دائرة الجهوية التي احسب ان اتفاقية دار فور وحسب ما جاء عن الدمج قد ادخلته فيها ، وهو ما يتعارض مع ماحدد في قانونها .
آن مسمى المؤسسة العسكرية الذي بات الإسم السائد توصيفا للقوات المسلحة ، وقوات الدعم السريع ، يحتاج لتوضيح من القيادة السياسية العسكرية ، في اطار الدستور والقانون لكلا الطرفين اللذين يشملهما إسم المؤسسة العسكرية ، مع التحديد البين ووفق القانون لشكل الارتباط بين القوتين الذي أراه الآن تجاوزا لقانون القوتين وشكل علاقتهما مع بعض ، وبما يحسم هذا الموضوع خروجا من دائرة الغموض ، مع بيان الرؤية المستقبلية حين تكمل عملية الدمج تنفيذا لاتفاق جوبا للسلام ( اتفاقية الترتيبات الأمنية ) وهل سيكون لدولة السودان الديمقراطية جيشان ؟ ، وكيف تتم ادارتهما وقيادتهما تحديدا لواجب كل جيش ، هذا تجاوزا ليس لتداعيات الواقع الماثل ، وانما لرؤية المستقبل الديمقراطي ، وكيفية تأمين مساره وبما يبني دولة مؤسسات قومية محايدة تؤسس على مفهوم مدني يؤطر لقوات مسلحة تعلم دورها السيادي وواجباتها السياسية في اطار تنفيذ واجباتها التي يحددها الجهاز السيادي او التنفيذي في اطار مسؤوليته اتخاذا للقرار في مجال الأمن القومي الذي تسأل عنه القوات المسلحة ، وعن المزيد فيما يتعلق باستراتيجية التفكيك ، فأحسب أن قراءة الواقع الاستهدافي وان اعتذر البعض عن هجومهم وسعيهم المستمر لتفكيك القوات المسلحة نفاقا ، إلا ان الحقيقة تؤكد تخطيط وسعي قوى الداخل والخارج بشأن تفكيك الجيش السوداني كهدف استراتيجي يأتي بيانه لاحقا ، وبالوقائع الثابتة .
عودا لموضوع قوات الدعم السريع مع اختصار البيان لتاريخها نشأة منذ أن كانت تحت مسمى الجنجويد ، والأهداف التي أنشئت من أجلها ، ومن من الشخصيات التي كانت وراء ذلك ، وإلى حين تحويلها إلى مسمى قوات الدعم السريع ، تثبتا لها بقانون خاص ،
لابد من التأكيد على موضوعات جوهرية ، تتمثل في الآتي:-
* مثلت السياسة منذ عهد النظام السابق العامل المؤثر في مسار هذه القوات ، ولدرجة أن رئيس النظام عندما حدثت التقاطعات صراعا بين لوبيات النظام ، مع ما حدث من تفاطعات وقبول لها بجهاز الامن ، والقوات المسلحة رفضا لها. كان قرار القيادة السياسية العسكرية بآنشاء قانون خاص بها تتبع من خلاله لرئيس الجمهورية والقائد الاعلى للقوات المسلحة ، الذي وجدت تحت رعايته عظيم الرعاية ، وتأمين كافة مطلوباتها ، والذي كان خصما على إعداد القوات المسلحة.
لئن حدد قانون قوات الدعم السريع تبعيتها للقوات المسلحة ، إلا ان الواقع التطبيقي يؤكد أن ذلك لم يتعدى كلمة “تتبع” حيث كانت ذات استقلالية كاملة في كافة شئونها ، وبمواد ذات القانون التي افرغت مادة التبعية ، وجردتها من أي مضمون قيادي او اداري ، لتصبح جزئية ذات المادة (٦ -١) “وتعمل تحت إمرة القائد الأعلى” ومن ثم وتحت هذه الرعاية كان لها ما تريد . ولمفسدة السياسة ، وسوئها ، وفي اطار الافرازات السياسية السالفة، وصراع الآيدلوجيا والمصالح بعد ثورة ديسمبر ٢٠١٩ ، ودون آدراك لمهددات التقاطع المحتملة ، والسير نحو دولة الدولة الديمقراطية اصبحت القوى السياسية تتعامل مع هذه القوات بمفهوم ” الكسب للنصرة السياسية ” والذي تحولت فيه القوات المسلحة ذاتها إلى منافس بل مصارع للقوى السياسية بدلا من القيام بدور الحارس المؤتمن والمراقب للفترة الانتقالية ، وهو ما دخلت لجته قوات الدعم السريع ايضا ، ولأن الفترة الانتقالية فترة ترتيب اوضاع وطنية شاملة تهيأ فيها الدولة لمرحلة قادمة قامت المجموعة الحاكمة ( المكون العسكري وقوى اعلان الحرية والتغيير بإلغاء الدستور كاملا ، وبما يعني إلغاء كافة ما كان يتبع لنظام الانقاذ ، خاصة المؤسسات التي تتبع له ، والتي في اسبقيتها وفق ما كان رأيا لمعارضي سلطة الانقاذ ، والتي كانت قوات الدعم السريع في اسبقياتها المتقدمة ، ولكن تبدل موقف الدعم السريع السياسي حين بدأت مركب الانقاذ تغرق أدى للتبدلات السياسية في المسرح السياسي لما بعد الانقاذ ، ولعل ذلك ما عطل اصدار قرار إلغاء قانون الدعم السريع ، ولا ضير في ذلك وقتها ، ولكن وبحسبان أن فترة الحكم الانتقالي تعتبر فترة ترتيب أوضاع ، والتي من بينها بناء دولة المؤسسات في الحكم الديمقراطي ، وعودا لقانون قوات الدعم السريع لسنة ٢٠١٧ ، كان يمكن لمجلس السيادة أن يقوم بدمج هذه القوات مع القوات المسلحة ، وبما يحسم كافة ما جرى ويجري من تداعيات وفي الترتيبات التي يقتضيها الموقف السياسي الوطني ، ووفقا للماد ٥ – ٢ ” التي تأتي نصا كالآتي:- ” يجوز لرئيس الجمهورية في أي وقت أن يدمج قوات الدعم السريع مع القوات المسلحة وفقا للدستور والقانون ، وتخضع عندئذ لأحكام قانون القوات المسلحة لسنة ٢٠٠٧ ، وبذلك يكون تمت العالجة في هدوء تجاوزا لأي تداعيات لاحقة . خاصة موضوع الأهداف والمهام الذي لايختلف في المضمون العام ، كما أن مبدأ إعادة تنظيم القوات المسلحة ، الذي يحتاج لإنشاء آدارة للاحتياط كان سيحسم كل ما كانت تقوم به قوات الدعم السريع . من حيث حماية الحدود ، والتهريب ، وأخريات ، والارهاب ،الذي اصلا له خاصة به ، ولكنها السياسة التي وبمفسدتها لدى القوى السياسية السودانية ، والتي انغمس فيها المكون العسكري لم تترك شيئا إلا وافسدته ، ليتم الدخول حتي مسميات الأشياء التي أخرج لنا فيها اتفاق جوبا لسلام السودان مسمى “المؤسسة العسكرية” الذي يجمع القوات المسلحة السودانية ، وقوات الدعم السريع” في اسم واحد .
مع كل ما يحيط بالأمر من تعقيدات سياسية ، وأمنية ، خاصة عند إعلان قائد قوات الدعم السريع في العام ٢٠٢١ بأن قواته لن تحل إذ انها منشأة بقانون ، وبالرغم من ازدياد التعقيدات التي جاءت في اتفاق جوبا لسلام السودان في ما يتعلق بموضوع دمج القوات ، وهو ما يتطلب مراجعات دقيقة لاتفاقية الترتيبات الامنية النهائية بين حكومة السودان الانتقالية ، والجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال/الجبهة الثورية ، وبروتوكولات الترتيبات الأمنية/ مسار كردفان ، خروجا من نفق قد لا ترى نهايته . ورغما عن التعقيدات ، والضبابية قبل بدء تنفيذ الاتفاقية ، إلا ان الحديث الوطني المسئول الذي أدلى به قائد قوات الدعم السريع ، بمدينة الجنينة في أن قوات الدعم السريع سوف تدمج في القوات المسلحة ، إذا صدق فيه القول حقيقة فسوف يعالج ازمة وطنية حقيقية ، ويضع الرجل في مقام الوطنية الحقة ، فهل نرى قولا يتبعه عمل يخرج الوطن من حافة الهاوية التي يقف فيها الآن .
ختاما أقول ونحن نعيش الآن في عهد ما يعرف ب ” المؤسسة العسكرية ” اسما يجمع في أحشائه( القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم ) وفقا لما حدد تعريفا في “اتفاق جوبا لسلام السودان بين حكومة السودان الانتقالية واطراف العملية السلمية” التي جاءت التناقضات في المسميات مختلفة بين الذي تم تحديده في الوثيقة الرئيسة : (القوات المسلحة وقوات الدعم السريع مؤسسة عسكرية وطنية حامية لوحدة الوطن ولسيادته تتبع للقائد العام للقوات المسلحة وخاضعة للسلطة السيادية ) والواضح هنا أن القوتين متكافئتان = جيشان = . هذا مع اعتبار أن تحديد التبعية للقائد العام أو عدمها لن تتم دون تحديد نوع النظام السياسي .. ابرلماني ام جمهوري رئياسي .
ثم جاءت المادة ٧٩ من اتفاقية الترتيبات الامنية النهائية بين حكومة السودان الانتقالية وبين الجيش الشعبي لتحرير- شمال / الجبهة الثورية قائلة:- ” عند التوقيع على هذا الاتفاق وبناء على وقف إطلاق النار الشامل وآليات القيادة والسيطرة الواردة في هذا الاتفاق ، تكون الوحدات التي سيتم دمجها جزء لا يتجزأ من قيادة القوات المسلحة السودانية وفقا لاتفاقية الدمج وأزمنتها” ويلاحظ هنا أن المادة لم تأتي بذكر للمؤسسة العسكرية ، ثم تذكر أن قواتها سوف يتم جزء منها بقوات الدعم السريع ؟ . أما بروتوكول الترتيبات الامنية لمسار دارفور فقد توافقت مع التعريف الذي ورد في الوثيقة الاساسية ” المؤسسة العسكرية ” واختلفت مع جاءت به تعريفا اتفاقية الترتيبات الامنية سالفة الذكر ، اعترافا بقوات الدعم السريع بحسبانها قوة منفصلة عن القوات المسلحة السودانية ، وذلك ما يتعارض ايضا مع مفهوم الدمج لدى الجيش الشعبي لتحرير السودان- شمال/ الجبهة الثورية ، إذ تحدد المادة ٢٤-٢-٥-٢٥ من بروتوكول الترتيبات الأمنية لمسار دارفور الدمج في الآتي :- ” الإشراف على عمليات دمج قوات حركات الكفاح المسلح/مسار دارفور في القوات المسلحة ، وقوات الدعم السريع ، وقوات الشرطة الموحدة ، وجهاز المخابرات العامة وفق المعايير التي يتم عليها ، مع الاستفادة من التجارب السابقة” .
وبهذا اتوقف عن الكتابة في هذا الشأن القومي الهام ، وكغيري من ذوي الاهتمام بالافادة بشأن ماطرحت ، لاشك اظل منتظرا الافتاء قانونا ، ومستقبلا بيان الامر القاطع من جهات الشأن ، والاختصاص . والله نسأل الله التوفيق.