يتحدث كثير من الناس بإعجاب عن الشخصية السودانية واصفين إياها بالتأهيل والثقافة والأمانة والصدق والإخلاص في العمل وعدم تعظيم الذات! وقد ينطبق هذا الكلام على معظم السودانيين، سواء في ذلك الفئة المتعلمة وغيرها، والسبب في ذلك يعود إلى نشأة السودانيين في مجتمع متسامح ومتكافل إلى حد كبير، كما أن ظروف المعيشة كانت تساعد على ذلك خاصة في الفترات السابقة في الستينات وما قبلها حيث عاش كثير من أهل السودان في ما يشبه الرغد من العيش والوفرة في كل شيء مما أورثهم التوازن النفسي والاجتماعي والإيثار.
يضاف إلى ذلك أن نظام التعليم النوعي الذي كان سائداً ومطبقا حتى وقت قريب أكسب الشخص السوداني المتعلم قدراً من الثقافة العامة وحب القراءة والاطلاع على مخرجات المطابع في القاهرة وبيروت والحجاز ولندن وغيرها من مراكز الثقافة والتنوير. والعامل الأكثر تأثيرا على الشخصية السودانية هو النشأة الروحية في مجتمع سني أو بالأحرى صوفي في معظم الأحيان يتمتع بالتواضع ورقة المشاعر والسماحة حتى أن سلوك غير المسلمين من السودانيين قد تأثر بتلك البيئة فصار الجميع يتصرفون تحت تأثر نمط الحياة السودانية في جوانبها الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية على حد سواء. ومن جانب آخر كان لنظام الأسر الممتدة القدح المعلى في التأثير على الشخصية السودانية فصار الإنسان السوداني محباً للخير وميالا للتعاون، والتراحم، والمودة، والتواصل.
جاء في مقال للبروفسور فهد سالم الراشد متحدثا عن الشخصية السودانية: ” السودانيون صادقون في سيرتهم الذاتية والعلمية لا زيادة ولا حشو، السودانيون لا يحبون التباهي المعرفي وفرد العضلات اللغوية، السودانيون يعملون بصمت وهدوء ونتاجهم بالملايين كبيض السمك، دونما جعجعة أو ضجيج والسودانيون أمناء قانعون بما قدر الله لهم من رزق، لا يتذمرون ولا يتندرون ولا يضجرون، يتحلون بدماثة خلق، وحسن طباع، والأهم من ذلك كله فإن الشخصية السودانية تحترم ثقافة الآخر، وهذا الشعب لديه طاقة بشرية عاملة وعالمة، تتمتع بمستوى مهني وتقني عال جداً.”
وفعلا كل ما ذكر أعلاه صحيح لكن الشخصية السودانية تفتقر للقدرة على تقديم نفسها للآخرين أو بمعنى آخر لا تستطيع أو تتردد في تسويق نفسها بشكل عملي مقنع للآخرين ويعود ذلك في المقام الأول إلى التواضع المخل الذي جبل عليه الشخص السوداني نتيجة للعوامل التي أثرت على تكوينه النفسي والاجتماعي ولا تزال. يضاف إلى ذلك أننا شعب جم الحياء، عفوي التصرف، عاطفي المزاج، تستخفه ابتسامة طفل وترضيه كلمة واحدة طيبة! ومن خصائص الشخص السوداني سرعة الانفعال “ما برضى الحقارة” ومرد ذلك في اعتقادي لتأثير تراثنا الشعبي الذي يمجد الشجاعة وأخذ الحق باليد وربما العنترية الزائدة عن الحد.
عموما، الشخصية السودانية هي مزيج بين العروبة والأفريقانية، ونتاج لموروث حضاري ضارب في القدم، ولهذا السبب يتمتع بصفات وجينات وراثية صبغته بما يميزه عن شعوب المناطق المجاورة له جغرافيا وإثنياً فهو مزيج وحده ويحظى باحترام وتقدير لدى كثير من الشعوب، لكن يظل السؤال الذي يطرحه كثير من أخوتنا في بعض الدول قائماً: ليش الزول كسول؟

