ثقافة

قصة قصيرة .. .شخير المترو

 

اكملت رهق طريقها من المصنع الى محطة المترو في الطريق الى البيت …لا تدري كيف اسماها والدها رهق … وقت طويل مر منذ ان زارت اسرتها في القرية ربما كانت نبوءة ان تكون حياتها …. دلفت الى محطة المترو وجلست عيناها على مقعد الانتظار قبل جسدها المنهك من وقفة يوم طويل على الآلات في المصنع الذي تعمل فيه. فجأة لمحته امامها، الفورمان الوسيم الذي زاده التعب مهابة. كانت تراقبه في المصنع يوزع النصائح والدعم يساعد العمال الجدد على فهم تأدية ادوارهم … بقليل من المحبة وكثير من الصبر. لا يبدو انه جيد في مقاومة النعاس … ضحكت.

 

في المترو كان التعب جليسه في المقعد المجاور … جاء رجل مسن وجلس على يمينه … يمضي المترو بين محطة وأخرى بسرعة كانه يغالب النعاس أيضا. اغلب الركاب في هذه الساعة المتأخرة من العمال سكان الضواحي ما يعرف ببلاد العالم الثابت.. وهم أكملوا اعمالهم المرهقة وادوا ضريبة انتمائهم للمدينة، وفي اخر الليل تلفظهم المدينة الى حيث ينتمون، الى الضواحي. يأخذون قسطا من النوم هو الفاصل الوحيد بين الامهم واحلامهم .. في الضواحي لا تملك من ترف الحياة سوى دقائق المترو.

 

يا لكرم الطريق، في المصنع لم تتح لها سوى لحظات من الحديث القصير حول العمل … وبعض لمحات سرقتها على عجل … الان يمنحها المترو ترف ان تنظر ايه … بلا استعجال … الفورمان اغمض عينين واستسلم للتعب … تدل الكاب من على جانبه … وغرق نصف وجهه فيه … ابتسمت وهي تنظر الى العجوز الذي لاحظ اليها كيف تنظر الى الفورمان … سالها ان كانت تعرفه وهو يشير الى رمز المصنع في الكاب لدى كل منهما اجابت بالإيجاب وهي سعيدة.
حركة المترو مثل هدهدة طفل صغير، ثواني و راح بعدها الفورمان في نوم عميق … ترك لراسه حرية ان يدور من التعب. تحركت من مقعدها وجلست بجواره وتركت راسه على كتفها.

 

جاء عامل المترو … يتأكد من نزول الجميع … راها وهي تسند كتف الفورمان وهو قد اكمل سيمفونية التعب شخيرا … طلب منها العامل ان توقظ زميلها لان المترو سوف يغلق ابوابه خلال دقائق …. ربتت على كتفه … فتح عينيه متثاقلا … كانت هذه اقصر مسافة تنظر فيها الى عينيه …. لثواني لم يدرك ما يحصل … اعتذر لها بانه متعب ولم يدرك خطاه. نادته باسمه الفورمان … انتبه الى الصوت والكاب … رد قائلا انت في المصنع … ابتسمت بنعم. تمتم وتمنى لها يوما جميلا … انه بالفعل يوم جميل.

 

قطعت المسافة الى سكنها … وهي تحمل كاب الفورمان … وضعتها فوق الوسادة، نامت عليه، لتسمع ما تبقى من شخيره … هل يا ترى يأتي في الحلم مثل ما جاء في اليقظة.
في الصباح التالي: التقته في المصنع .. شكرها على موقف الامس، وانصرف بسرعة ولم يسمعها تقول له: نسيت الكاب.. وقلبي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى