مقالات

صدق من قال الطبيعة جبل.. 

بقلم /محمد سعيد شلى

درست أجيالنا مجانا وكنا نسكن ونأكل مجانا في الداخليات ..ونسافر ونحن طلابا على نفقة الدولة ” بالتصاريح ” وتثقفنا مجانا من خلال المكتبة المدرسية ..ولكننا ورغم ذلك النعيم وذلك ” الملح ” لم نكن” كسالى أو خمالة ” كنا نجتهد ونعمل في العطلات المدرسية لتدبير ” حق الكسوة ” ومساعدة عائلاتنا ..وبعبارة أخري أن أجيالنا أتسمت بالعصامية والمسؤولية ..أجيال لا تعرف النوم حتى منتصف النهار ولا يغادر أحدهم فراشه قبل ترتيبه ولا يخرج من غرفته ويترك الأنوار مضاءة والتلفزيون ” يلعلع ” والمروحة ” مدورة ” والمكيف ” يهدر ” والملابس مبعثرة ( شر بعثرة) على السرير…ولكن يلاحظ أن الأجيال اللاحقة والتي دفعت عائلاتها ” دم قلبها وتحويشة عمرها “لا تعرف قدرا يسيرا من تلك المسؤولية وينعكس ذلك في جملة من السلوكيات السالبة التي تشكو منها عدد كبير من الأسر السودانية من خمول وكسل وإتكالية مفرطة.. وتأتي هذه ” الاتهامات الموثقة ” رغم القناعة بوجود شريحة من هذه الأجيال ” تكيل العين ” وتسر الخاطر فلكل قاعدة شواذ..ومن تلك السلوكيات السالبة الاستغراق في النوم حتى مرحلة ” التخمة والشبع ” ..ترك الفراش على حاله , الملاية “مكرفسة ” والمخدة ” مجدوعة ” وربما ظهر من تحتها ” كيس السعوط” ..البطانية نصفها على السرير و (نصفها الاخر) يتدلى نحو الأرض ومنهم ومن شدة ” فوضويته ” يستخدم الملاية كغطاء .. وعن التعامل ” الخشن ” مع معجون الأسنان حدث ولا حرج وتركه مفتوحا بعد الاستعمال فيفقد المعجون خصائصه الطبية ..عند الدخول للحمام فتح ” الموتور ” بسبب وبدون سبب وكأن أزيزه ” نغمة ” يطربون لها .. ليس في” ثقافتهم ” استعمال البشكير فيخرجون من الحمام ” يكتكتون ” و يتصببون ماء كعصفورة ” ضارباها مطرة ” وقد يتركون على أرضية الحمام قطع الصابون المتناثرة فتنقلب تلك القطع إلي ” الغام ” قابلة للانفجار في أي لحظة فيروح ضحيتها احد افراد الأسرة وخاصة من كبار السن …ترك ” عدة الشاي ” وصينية الفطور في مكانها للحاق ” بقطار القنوات الفضائية ” والتنقل من قناة لقناة بمهارة و مهنية عالية .. والريموت كصباع المعجون يتعاملون معه بخشونة منقطعة النظير .. ..يختلط الحابل بالنابل أذا ” أضطر ” أحدهم ” اضطرارا ” في غياب الأسرة ودخل المطبخ فانه سيفعل بالمطبخ ما فعله ذلك الثور بمستودع الخزف ..فعند عودة الأسرة ستجد المطبخ مقلوبا رأسا على عقب وأثار ” العدوان ” في كل ركن من أركانه ..حلة الملاح في مكانها وقد تناثرت حولها الأطباق والكبابي , الكبريتة، الليمون ,الطماطم , البهارات ..ألخ ..والحذر كل الحذر أذا أمسك أحدهم بابرة لتركيب” زرارة ” أو بموس او” مكوة ” وغيرها من الأدوات والمعدات ” المسجلة خطر ” فأنهم قد يتركونها وبكل ” براءة وعفوية ” في مكانها ..يتسبب الأبناء في الكثير من حوادث سرقات المنازل بترك الأبواب مفتوحة و” شنكلة الطبلة ” فيقع الفأس على الرأس..هذه النماذج والتي التقطتها من أحاديث وشكاوى المعارف والأصدقاء ينبغي معالجتها واحتواءها في مهدها قبل أن تستفحل وتبقى سلوكا ثابتا وطبيعة ملازمة .. وصدق من قال الطبيعة جبل….

 

زر الذهاب إلى الأعلى