هذا عنوان لرواية كتبها الاديب العراقي كاظم الشويلي، تبدو في الظاهر أنها تتكلم عن الاسرى العراقيين وما عانوه في الاسر من خلال شخصيتي “مرتضى، كاظم” الذي هما الاساسيان في مشاهد الاسر الذي حصل لهما عام 1987، ولكن في الباطن أن الشويلي تمكن من توظيف هذه الفكرة ببراعة ليحاول ايجاد اجابة لسؤال مهم جدا في عالمنا اليوم
هل يعوض وجود صديق افتراضي عن العالم الواقعي الذي نعيشه؟؟
وبالتاكيد، لم يغب عن الشويلي أن يترك اجابته في نهاية الرواية وللاسف هي نهاية صادمة..
النسخة التي بدأت بقراءتها هي من الطبعة الخامسة الصادرة عن دار الورشة الثقافية 2023 والتي تميزت بوصول صفحاتها الى 86صفحة .. كَتبها الشويلي وهو يعلن انه بطلها الى جانب شخصية تتواصل معه عبر التواصل الاجتماعي وأسمها نيران والتي تبحث عن رجل اسمه مرتضى، ومن خلال قبوله الصداقة في الفيس بوك، تتوطد علاقتهما ويبدا التواصل اليومي الذي كشف له عن غادة حسناء تتوسل اليه لاجل أي معلومة عن زوجها المفقود..
من خلال هذا التواصل الذي شرحه الشويلي، كان هناك سرد لرحلته في الاسر في حرب الثمانينات، بكل حذافيرها، الوقت والمكان واسماء الاسرى وكذلك اسماء الاماكن التي تنقلوا اليها، وهذه التفاتة أوكدها للقراء بان توظيف الدلالة الزمانية والمكانية كانت قيمة ومهمة في احظاث الرواية التي تمكن القارئ من عيش الاحداث كما لو انه كان معهم.. في تلك الباصات التي حملت عشرات من الاسراء العراقيين..
هناك كلمة كتبها الشويلي وهي اغرب ما يكون.. فقد وصف ايامه في سجن بانها أسعد ايام حياته…
ولما توسع في السرد تبين أن المعتقل كان يحتوي على مكتبة، يسمح فيها للاسرى بالقراءة وكان يستغل احد عشر ساعة من يومه في القراءة وهو في العشرين من عمره.. ووضع يده على أهم الأعمال العالمية وقد غيرت فكره وجعلته يعيش حالة قصوى من السكينة، وهنا الشويلي.. كان موفقا في اختيار نفسه ليكون بطلا للرواية، فقد كانت تجربة مليئة بالصدق وهو يذكر اصعب واجمل اللحظات دون ان يحاول ان يجمل أحد.. او جانب ما..
هو ترجم رحلة الانسان الى الاماكن التي يكرهها بعيدا عن الوطن والاحبة، لكنه يجد ضالته من الحكمة التي وهبت له في مقتبل العمر..
ان نجاح اي منتج مكتوب يحتاج الى أن نلامس النفس البشرية وهذا قد لا يتم الا أن هذبنا انفسنا على الاعتراف بصدق بتقصيرنا واخطاءنا وهذه هي رحلة الشويلي الانسان والكاتب مع مرتضى في الاسر ومع نيران زوجته التي كانت قد سلمت زوجها للسلطات بعد أن اتهمته بالخيانة، غيرة منها لانه تزوج عليها.. ومن هنا جاءت هذه التسمية “نيران ليست صديقتي” لانها خانت زوجها وهو صديقه الذي اختار عدم العودة.. وترك الصراعات والحروب.. لكن دهاء امراة حاقدة قاده الى مصير مجهول..
ان تجربة الكتابة، تستلزم تجربة عميقة في الحياة وثراء معرفي وحنكة، ليسجل العمل ضمن الأنجازات التي تصفه بانه عمل يستحق القراءة لما يضيفه للقارئ من وعي…
في النهاية، كان مغزى الرواية بان الاصدقاء الافتراضيون قد يكونوا مجرد سراب يعطون الفرحة الزائلة ويهبوننا صدمة تلازمنا عمراً…
من صفحة /فرح تركي