تحركات قانونية لمنظمات المجتمع المدني لمواجهة سياسات ترامب تجاه المهاجرين
بقلم رئيس مؤسسة بيكسولوجي للسلام والتنمية وحقوق الانسان/ سيد فودة
مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، برزت مجدداً مخاوف منظمات المجتمع المدني حول سياسات الهجرة الصارمة التي يعتزم تنفيذها، والتي قد تشمل عمليات ترحيل جماعي وقيودًا مشددة على السفر والهجرة، خاصة من بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة. في هذا السياق، تستعد منظمات المجتمع المدني لاتخاذ خطوات قانونية لمواجهة هذه السياسات، من خلال الطعن على شرعيتها أمام المحاكم والدفاع عن حقوق المهاجرين واللاجئين. وفيما يلي سوف استعرض بعض التحركات القانونية المنتظرة، والمبادرات التي قامت بها هذه المنظمات في الأشهر الأخيرة للوقوف بوجه ما يخطط له ترامب.
منذ أن أعلن ترامب عن نواياه لإعادة تنفيذ سياسات الترحيل الجماعي وحظر السفر، بدأت منظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني الاستعداد لمواجهة هذه السياسات أمام المحاكم حيث تعتزم هذه المنظمات الطعن في شرعية الإجراءات التي قد تميز ضد جنسيات معينة أو تنتهك الحقوق الأساسية للأفراد، وذلك من خلال رفع دعاوى قانونية
تُجبر الحكومة الأمريكية على الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان التي تكفل الحماية لجميع الأفراد بغض النظر عن جنسياتهم أو دياناتهم.
على سبيل المثال، أعلن اتحاد الحريات المدنية الأمريكي (ACLU) مؤخراً أنه سيقف بوجه أي محاولة لإعادة تطبيق حظر السفر. وفي تصريحاته الأخيرة، قال مدير الاتحاد أنتوني روميرو: “سنواجه هذه السياسات المدمرة في المحاكم، تماماً كما فعلنا في عام 2017”. وأضاف أن “الولايات المتحدة ليست مكاناً يتم فيه حرمان الناس من حقوقهم بناءً على خلفيتهم الثقافية أو الدينية”. يعكس هذا التصريح عزم المنظمة على التصدي لهذه السياسات بكل الوسائل القانونية المتاحة.
من المتوقع أن تتبنى منظمات المجتمع المدني عدة استراتيجيات قانونية لمنع عمليات الترحيل الجماعي التي يعتزم ترامب تنفيذها. تعتمد هذه الاستراتيجيات على تقديم طعون قانونية تستند إلى القوانين الدستورية والمبادئ الإنسانية. في هذا السياق، من المتوقع أن يتم تقديم الدعاوى القضائية إلى المحاكم الفيدرالية، والاعتماد على القضايا السابقة التي منعت الحكومة من تنفيذ سياسات مشابهة.
من بين التحركات المنتظرة، ستسعى المنظمات إلى حماية الفئات الأكثر ضعفاً من المهاجرين، مثل الأطفال والمراهقين الذين دخلوا الولايات المتحدة تحت حماية برنامج “داكا” (DACA) الذي أطلقه الرئيس الأسبق باراك أوباما. وقد صرح أحد محامي مركز قانون الفقر الجنوبي (SPLC) مؤخراً بأن “أي محاولة لإعادة تطبيق سياسات الترحيل الجماعي ستواجه بمعركة قانونية شرسة”. وأشار إلى أن منظمته تعمل مع شركاء في أنحاء الولايات المتحدة لتأمين حقوق الحالمين والمهاجرين غير النظاميين.
تعمل منظمات المجتمع المدني على زيادة الوعي المجتمعي وتعبئة الجمهور لدعم حقوق المهاجرين. فقد أطلقت العديد من الحملات الإعلامية وورش العمل لتثقيف الناس حول حقوق المهاجرين القانونية وكيفية تقديم الدعم لهم. على سبيل المثال، نظمت “مؤسسة اللاجئين الدولية” حملة بعنوان “كلنا مهاجرون”، بهدف تعزيز قيم التضامن مع المهاجرين ونبذ سياسات التمييز.
كما شهدت المدن الأمريكية الكبرى في الآونة الأخيرة العديد من المظاهرات الاحتجاجية التي نظمتها منظمات المجتمع المدني لرفض سياسات الهجرة التي يروج لها ترامب. في نيويورك، تجمع الآلاف أمام مقر الأمم المتحدة للتأكيد على رفضهم لهذه السياسات والدعوة لاحترام حقوق الإنسان. وصرحت قائدة مظاهرة في شيكاغو أن “الناس لن يقفوا مكتوفي الأيدي بينما تُنتهك حقوق عائلاتهم وأصدقائهم وجيرانهم”.
تحاول منظمات المجتمع المدني الأمريكية توسيع تحالفاتها مع المنظمات الحقوقية العالمية لممارسة ضغط دولي على الحكومة الأمريكية. فبالتعاون مع هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، تعمل هذه المنظمات على إثارة القضايا المتعلقة بالهجرة في المحافل الدولية، وتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان المحتملة التي قد تنجم عن سياسات الترحيل الجماعي.
وفي هذا الصدد، صرحت منظمة العفو الدولية أن “الولايات المتحدة لديها التزامات قانونية وإنسانية تجاه المهاجرين، ولا يمكنها تجاهل هذه المسؤوليات تحت أي ظرف”. وأضافت المنظمة أنها ستقدم تقارير دورية للأمم المتحدة بشأن الانتهاكات المحتملة التي قد تقع تحت إدارة ترامب، وستطالب باتخاذ إجراءات دولية إذا لزم الأمر.
من ضمن الأساليب التي تعمل بها منظمات المجتمع المدني هو رفع القضايا على المستوى المحلي، حيث تتعاون مع محامين محليين ومجالس بلدية في المدن التي تعاني من تداعيات سياسات الهجرة الصارمة. فتعاونت مؤسسات مثل “محامو المهاجرين” مع مجالس مدن مثل لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو لتقديم مساعدات قانونية للمهاجرين الذين يواجهون خطر الترحيل.
عقدت لوس أنجلوس مؤخراً شراكة مع جمعية “محامو المهاجرين” لتوفير دفاع قانوني مجاني للمهاجرين غير الشرعيين الذين تم القبض عليهم، حيث يعمل محامو الدفاع على تقديم استشارات قانونية للمهاجرين الذين يواجهون قرارات ترحيل. وأشار رئيس بلدية المدينة إلى أن “لوس أنجلوس ستظل ملاذاً آمناً لمن يسعون إلى حياة أفضل، ولن نسمح لسياسات الكراهية بتمزيق نسيج مجتمعنا”.