الساعة تشير إلى 8:15 صباحًا، لحظة تجمدت في الزمن لتكون شاهدة على واحدة من أعظم الكوارث الإنسانية في تاريخ البشرية.
إنها تبدو صورة لساعة بسيطة، ولكنها تحمل في عقاربها ذكرى انفجار القنبلة الذرية في هيروشيما، اليابان، يوم 6 أغسطس 1945. هذه الصورة ليست مجرد قطعة معدنية تالفة؛ إنها رمز للألم، والموت، والدمار، وقصة تُعيد إلى الأذهان ضرورة التأمل في نتائج الحروب وتبعاتها.
في صباح ذلك اليوم، أُلقيت القنبلة الذرية “ليتل بوي” من طائرة أمريكية، لتنفجر فوق مدينة هيروشيما. في لحظة واحدة، تحولت المدينة إلى جحيم أرضي، مع ارتفاع درجة الحرارة إلى أكثر من 4000 درجة مئوية في مركز الانفجار. تلك الحرارة الهائلة أذابت المعادن وأبخرت المياه، وأزالت معالم الحياة على مسافة كيلومترات.
تُظهر هذه الساعة الدقيقة التي توقفت عندها الحياة لكثيرين. توقفت عقاربها عند الساعة 8:15، وهو الوقت الذي ضرب فيه الانفجار المدينة. لم تتوقف الساعة فقط؛ بل توقف الزمن نفسه بالنسبة لآلاف الأرواح التي فقدت حياتها في لحظة. قدرت الإحصائيات أن أكثر من 70,000 شخص قُتلوا على الفور، بينما تضاعف العدد لاحقًا بفعل الإصابات الناجمة عن الإشعاع.
ريحة الموت وما وراء الصورة فهذه الصورة تحمل “رائحة الموت”، كما وصفها من شاهدوها، لأنها ليست مجرد دليل مادي على انفجار القنبلة الذرية، بل هي تمثيل مرئي للدمار الشامل الذي يمكن أن تسببه الحروب. العقارب المتجمدة تذكرنا بأن كل ثانية في تلك اللحظة كانت تحمل معاناة تفوق الخيال.
القنبلة الذرية لم تكن مجرد سلاح؛ كانت إعلانًا عن عصر جديد من الحروب، حيث يمتلك الإنسان القدرة على تدمير البشرية بكاملها. والناجون من القنبلة، المعروفون باسم “الهِبَاكُوشَا” (Hibakusha)، عانوا من آثار الإشعاع طوال حياتهم.
هذه الكارثة أدت إلى تدمير بنية المدينة بالكامل، وتسببت في معاناة إنسانية طويلة الأمد امتدت لأجيال.
تُظهر هذه الحادثة بكل وضوح ، كيف يمكن للتكنولوجيا، في غياب الأخلاق، أن تتحول إلى أداة للإبادة الجماعية. وعلى الرغم من مرور العقود، لا تزال هيروشيما وناجيوها يطالبون العالم بنبذ الأسلحة النووية والعمل على تعزيز السلام.
هناك رسالة عميقة لهذه الصورة ، فبالرغم من انها متوقفة ولكنها تروي قصة يجب أن يسمعها العالم. إنها تذكرنا بأن البشرية ليست بحاجة إلى المزيد من الحروب أو الدمار، بل بحاجة إلى السلام والتفاهم. عقارب الساعة المتجمدة ليست فقط رمزًا لوقت توقف، بل هي دعوة لأن يتوقف العالم عن سباق التسلح الذي قد يعيد كتابة نفس المشاهد المأساوية.
وانا ادعوا دائما بصفتي رئيس مؤسسة بيكسولوجي للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، إلى ضرورة نشر التوعية حول العواقب الوخيمة للأسلحة النووية، والعمل على منع تكرار مثل هذه الكوارث.
وما علينا إلا التوعية فلعل يتم سماع صوتنا في اروقة المباني الأممية حول العالم .
قصص مثل قصة ساعة هيروشيما يجب أن تكون بمثابة تذكير دائم لنا جميعًا بأن السلام هو الخيار الوحيد لبقاء البشرية.
ان هذه الصورة صرخة من الماضي تخبرنا بأن الزمن قد يتوقف عند نقطة ما، ولكن الألم والتبعات ستستمر إلى الأبد. دعونا نتعلم من هذه اللحظة المتجمدة، ونعمل معًا لضمان أن تبقى عقارب الزمن تتحرك نحو السلام، لا نحو الكوارث.