أمسية ثقافية بالشارقة تستعيد إرث الشاعر وتعيد صوته إلى الوجدان السوداني
في محبّة هاشم صديق،حين يبقى الضوء مهما غاب الجسد

الشارقة _نبأ اليوم
نظّم المركز الاجتماعي السوداني بالشارقة مساء السبت 22 نوفمبر 2025 أمسية ثقافية بعنوان “في محبّة هاشم صديق” إحياءً للذكرى الأولى لرحيل الشاعر والمسرحي السوداني الكبير، واستحضاراً لصوته الإبداعي الذي ظلّ يسكن الوجدان السوداني جيلاً بعد جيل.
افتتحت الأمسية بكلمة، نائب رئيس الجالية ونائب رئيس المركز الاجتماعي السوداني بالشارقة، المستار مرتضى الزيلعي الذي قال في بداية خطابه:
“نلتقي اليوم في الذكرى الأولى لرحيل شاعر لم يغادر، وإن غاب الجسد ، لأن المحبة وحدها قادرة على إبقاء الوجود حيّاً، ولأن هاشم كان محبة تمشي على قدمين، وصوتاً يصافح الأرواح”، مضيفاً أنّ المبدع الحقيقي “لا يغيب، بل يتحول إلى ضوء يسكن الوجدان”.
بعد الكلمة الافتتاحية، جاءت جلسة حوارية استعرض خلالها الأستاذ مصعب الصاوي مسيرة هاشم صديق في مجالات الدراما والمسرح والتلفزيون، متناولاً أثره العميق في تشكيل الوعي الدرامي السوداني، وكيف رسّخ حضوراً مميزاً في كتابة النص المسرحي والدرامي بوصفه مرآة للمجتمع وتحوّلاته.
وانتقلت الجلسة إلى الدكتور مرتضى الغالي الذي قدّم قراءة عميقة في التجربة الشعرية الثرية لهاشم صديق، متناولاً لغته الممزوجة بين العاطفة والوعي، وقدرته على استشراف ملامح الواقع والتنبؤ بمآلاته قبل أن تتشكّل أحداثه. وأكد الغالي أن الراحل لم يكن مجرد شاعر جميل اللغة، بل صاحب رؤية تستبق زمنها، يلتقط إشارات التحوّل ويحيلها إلى نبض شعري يضيء الوعي الجمعي.
وتواصلت الجلسة بمداخلات نوعية من بروفيسور زينب محمد عبد الله والأستاذة إنعام عبد الله، حيث أضافت كل منهما زاوية فنية وإنسانية جديدة حول حياة الراحل وإسهاماته، مما عمّق صورة الشاعر في ذاكرة الحضور وأضاء محطات مهمة من مشواره الإبداعي.
أدارت الجلسة الدكتورة لمياء شمت بحضور لافت وخبرة واضحة في ربط محاور الحديث وإشعال تفاعل الجمهور، مما منح الحوار انسجاماً وتدفقاً يليق بمكانة الراحل وبثراء التجارب المطروحة.

كما شملت الأمسية عرض مادة فيلمية مؤثرة من رؤية وإخراج المخرجة الأستاذة سلوى درويش بعنوان “المشانق والبديل”، أعدّتها خصيصاً لهذه المناسبة، وقدّمت فيها معالجة بصرية ودرامية تستلهم روح الراحل وتضيء جوانب من إرثه الإبداعي.
بعد ذلك جاءت لحظة وجدانية خاصة حين اعتلى الدكتور أحمد البدوي التني المنصة وألقى قصيدة رثاء مهداة لروح هاشم صديق، حملت الكثير من الشجن وعمق الارتباط الإنساني والفني بالراحل.
واكتملت اللوحة الثقافية بمشاركة الفنانين الأستاذ سيف الجامعة والأستاذ أبو بكر سيد أحمد، اللذين شاركا الجمهور ذكريات علاقتهما مع الراحل وقدّما مجموعة من الأغنيات التي تماهت مع طيفه وجعلت الأمسية محمَّلة بحسّ شعري وصوتي يعيد للحضور ذاكرة ممتدة من الإبداع السوداني.
وكان الأستاذ راشد بخيت، برفقة أعضاء مجموعة الدراميين السودانيين بالمركز، قد تولّوا الإعداد والتنظيم للفعالية بإحكام واقتدار، بالتنسيق مع فريق عمل المركز، مما أسهم في خروج الأمسية بصورة تليق بمقام الراحل وبجمهور الثقافة والفن.
واختُتمت الليلة وسط حضور كبير من أبناء الجالية ومحبي الفنون، في أمسية أكدت أنّ الكبار لا يرحلون، وأن المركز الاجتماعي السوداني بالشارقة سيظل جسراً يربط الثقافة السودانية بوجدان جمهورها في المهجر، ويحتفي بإبداع رموزها مهما طال الغياب.






