حاطب ليل
د عبداللطيف البوني
بسم الله
اتركوا الحكومة ما تركتكم
(1 )
الأزمات السياسية شيء طبيعي في كل دول العالم، ولكن حنانيك أزمة منها أزمة فهناك أزمات سياسية يروح ضحيتها أرواح وأموال الشعوب، وهناك أزمات سياسية لاينشغل بها إلا محترفو السياسة بينما بقية الشعب كل يسعى في همه، فنحن في سودان البخاتة دا من ما قمنا وجدناه متأزم وسنغادر ونتركه في حالته هذة لأن الخط البياني للأزمات في حالة ارتفاع دائم عليه بيقى الحل في عزل السياسة عن حياة الناس العادية وهذا أمر صعب ولكنه ليس مستحيلا لأنه الأمر الساري في معظم أنحاء العالم، ولن نبعد النجعة إذا قلنا قد حدث في السودان مؤخرا ما يشي بأن الحياة يمكن أن تمضي بعيدا عن السياسة، ولكن هذه الظاهرة مازالت في أطوارها الأولية , فالسياسة راكبانا الآن أكثر من الجن الراكب محمود (مسرحية هو وهي).
(2 )
أمس قلنا كبداية عجلى لفلفصة الحياة العادية من السياسة دعونا نبدأ بتجريد المنصب السياسي من الفوائد المادية والمعنوية وهذا يمكن الوصول إليه بعدة تدابيرتشريعية يمكن صياغتها بدقة ولكن مجمل القضية تحتاج الى تدابير سياسية، نعم ليس في هذا مفارقة، فالتخلص من السياسة يحتاج الى عمل سياسي كبير ودؤوب، فالشغلانة مثل التطعيم باللقاحات فلكي تتحصن من أي وباء لابد لك من تناول لقاح يحتوي على مكون من مكونات ذلك الوباء (اليومين ديل طالع في الكفر فاكسينات (لقاحات) الملاريا) فاللهم اجعله خير . نرجع لموضوعنا بعد التدابير السياسية لابد من تدابير تربوية وإعلامية وتشريعية لتحصين المجتمع من أمراض السياسة التي يقوم عليها السياسيون، فالذي ندعو إليه هنا ان تصبح هذه القضية من شواغلنا الهامة فبدلا من أن نهتف (الشعب يريد إسقاط النظام ) فلنقل (الشعب يريد ان يبتعد عنه النظام الحاكم ويتركه في شأنه).
(3 )
قرأت قبل يومين ان هناك مشروعا لقانون موضوع أمام مجلس الوزراء يدعو الى عودة الحكومة لتمويل الزراعة في مشروع الجزيرة . أها مثل هذا الكلام هو الذي يخوزق البلاد، فعندما تصبح الدولة ممولا فان هذا يدعو الحكومة الى السيطرة والتدخل في الشئون الزراعية وبالتالي سوف تتأثر الزراعة بفاعلية الحكومة سلبا وإيجابا وتتأثر بأزماتها ، إنها دعوة لعودة سيطرة القطاع العام . ليس هناك عاقل يدعو الى إبعاد الحكومة نهائيا عن الزراعة في هذه المرحلة أو مرحلة لاحقة إنما المطلوب من الحكومة ان تجعل شعبها يعتمد على نفسه وذلك بتطوير قدراته الذاتية، ففي حالة مثل حالة الجزيرة اليوم يمكن للحكومة ان توجه البنوك لتمويل الزراعة بأقل قدر من الأرباح . الحكومة عندها الآن البنك الزراعي (السجمان الرمدان حاليا ) إذ يمكن بشيء من الهمة والإصلاح ان يحول السودان الى جنة خضراء كما يفعل بنك الائتمان الزراعي في مصر . يمكن للحكومة ان تحدد أسعار التركيز (التشجيعية) لكافة المحاصيل خاصة المحاصيل الإستراتيجية، يمكن للحكومة ان تنشئ بورصة للمحاصيل، يمكن للحكومة ان تدعو شركات التمويل المحلية والعالمية للدخول في الزراعة، يمكن للحكومة أن تطور تجربة الزراعة التعاقدية التي توطنت الآن، باختصار يمكن للحكومة وهي تقوم بدور الرقيب فقط ودون أن تخسر جنيها واحدا ان تحمي صغار المنتجين من غول الرأسمالية بصورة لم تحدث حتى في الاتحاد السوفيتي أيام الاشتراكية (الحمراء). فياجماعة الخير الزراعة يمكن أن تكون ضربة البداية في إبعاد الأنشطة المجتمعية عن السياسة.