زمان يا فن .. بقلم / أمير أحمد حمد
في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات والي منتصف السبعينيات كانت الأغنية السودانية في أوج عظمتها حيث كانت الكلمة واللحن والصوت الشجي.
كل اغنية قبل ان تخرج وتلتقطها اذن المستمع يستمع اليها خبراء الفن من عازفين الي شعراء الي فنانين ومن ثم تخرج الي الهواء الطلق عبر الاثير ، وكان التنافس بين الفنانين له اثر كبير في الارتقاء بالاغنية السودانية.
عندما ظهر الفنان الذري باغنياته الخفيفة والراقصة وذلك نتيجة لتعامله مع الشاعر والملحن ابراهيم الطاهر ابن حي العرب ،كانت اغنياته تمثل الجناح الخفيف الذي حلق به ابراهيم عوض في سماء الاغنية السودانية الخفيفة .
هذا النوع من الغناء كان له أثر في الساحة الفنية حيث حرك الفنان الكبير واسطورة النغم عثمان حسين ان يتناول مثل هذه الاغنيات فطلب من صديقه الشاعر السر دوليب ان يكتب له اغنيات خفيفة كتلك التي اتي بها ابراهيم عوض فكانت “ما بصدقكم ” .. “مالي والهوي ” ..”ريدتنا ومحبتنا ” ..”كنت فاكر القي عندك الحنان تغمرني بيه” . وغيرها من الاغنيات الرائعات والتي كان دوما يتغني بها عثمان حسين في مناسبات الافراح.
وعندما غني الاستاذ عبد الكريم الكابلي رائعة صديق مدثر ” يا ضنين الوعد ” هذه الاغنية التي احدثت دويا هائلا في الوسط الفني وفتحت افاقا جديدة للاغنية السودانية هذه الاغنية حركت الفنان والامبراطور وردي ان يسعي للتعامل مع نفس الشاعر فكانت اغنية ” الحبيب العائد ” التي لا تقل روعة من حيث الكلمة واللحن والصوت الشجي.
واذا رجعنا الي اغنية ضنين الوعد نجد ان الكابلي قد ابدع في اللحن مع اخراج كل حرف من حروف القصيدة من مكانه الصحيح . ويقودني هذا الى ملاحظة في واحد من ابيات القصيدة فيقول كابلي
من “دمي غذيتها حتي غدت ذات جرس ياسر الاذن شجيا
وافترقنا وبعيني المني (غالها) (قالها)الدمع فما ابصرت شيئا ” .فكثير من الناس ينطق كلمة غال بالقاف كما كتبتها انا في القوس الثاني بالقاف ولكن الصحيح بالغين كما ينطقها كابلي وكلمة ” غال” لها عدة معاني ومن معانيها غال فلانا يعني هلكه واصابه كما وردت في معجم الوسيط .
واحسب ان الشاعر اراد هذا المعنى بمعنى ان العيون اهلكها واصابها كثرة الدموع ولذلك كثير من المستمعين يردد هذه الكلمة خطأ وهذا الخطأ شائع في عامة الشعب السوداني لأنه لا يفرق في نطق الحرفين القاف والغين.
ولنا عودة