إلى عبد الله حمدنا الله (في محاولة لمغافلة الحزن الكئيب..و لا نقول إلا ما يرضي الله )
إلى أيِّ ذِكرَى مِنكَ أَدنو فأَسعَدُ
و قد كانَ مِنكَ الكُلُّ يدنو فيسعَدُ
حبيباً تُساقيكَ القلوبُ وِدادَها
فيُطرِبُها منكَ الرِّضَا و التوَدُّدُ
أنيساً يَفيضُ الأُنسُ صَفوَاً مُرَقرَقاً
بما يَنتقيهِ منكَ قولٌ مُنَضَّدُ
جهيراً برأيٍ واثَبَ الشَّمسَ صُبحُهُ
فرأيُكَ في كُلٍّ أَغَرُّ مُسَدَّدُ
فكم قَولةٍ مِنكَ استطالَ دويُّها
على إثرِها الدنيا تقومُ و تقعُدُ
وكم فكرةٍ بالأمسِ خُضتَ بها اللظى
لها كُلُّ يومٍ وامضٌ يتجَدَّدُ
نوادرُ كُنَّا نستَظِلُّ بدَوْحِها
إذا اجتاحَنا وَقدُ الهجيرِ المصَهَّدُ
تُواعِدُنا : عندَ المساءِ لِقاؤنا
فتَبسِمُ أسمارٌ و يُورِقُ مَوعِدُ
فيا أُنسَهُ الرَّاقي أَعِد ذلك النَّدَى
على ليلِنا.. فاللُّيلُ بالحُزنِ مُجهَدُ
و يا عبقريَّ اللَّمحِ مِن لَفَتَاتِهِ
أجِبْ هاتفاً فينا لمغناكَ يَنهَدُ
و يا قافياتِ الشِّعرِ ناجَينَ شَدوَهُ
ظمئنا..فمَنْ يدنو بِكُنَّ و يُنشِدُ
كأنَّا و قد أوغلنَ في عبقرٍ بِنا
يُهازجُنا مِن هَدأةِ اللَّيلِ مربَدُ
شواردُ كُنَّ الخافياتِ على المَدَى
و إرثاً رعاهُ فى الزمانِ مُبَدِّدُ
تلاقَت على عَينَيكَ فازدانَ منطقٌ
بهِنَّ و أثرى ناهِلٌ و مُرَدِّدُ
فمَن لي بتلكَ السَّانحاتِ و مَن لها
بذهِنٍ وقيدِ الفهمِ يجلو و ينقُدُ
و نَفسٍ تروضُ العِزَّ و العِزُّ مُوحِشٌ
فإن لاحَ برقٌ بالمغانمِ تبعُدُ
حياءً يُناجيهِ الحياءُ فيزدهي
و صمتاً به يعلو البيانُ و يصعَدُ
و هل ذاكَ إلا فوحُ عُمْرٍ بذَلتَهُ
يُجَلِّلُهُ في ما ارتضيتَ التجَرُّدُ
نصيراً لنهجٍ ما تَوَانَى صهيلُهُ
به الدِّينُ يسمو و المكارمُ تُحمُدُ
و ها أنتَ ذا تمضي و دونَكَ ما ترَى
من البيدِ تعوِي بالرياحِ و تُرعِدُ
تغيبُ و ذا السودانُ : حُلْمٌ حمَلتَهُ
كما ضاءَ في حفلِ النُّجيماتِ فَرقَدُ
فآبَ إلى حفلٍ مِنَ البؤسِ يَنتَشِي
بأنخابهِ هذا البُغاثُ المعربِدُ
فلا شاطئُ النيلينِ فيهِ يُهَدهِدُ
و لا ركنُهُ – ذاكَ العتيدَ – موطَّدُ
فوَا أسَفَاً للحُلْمِ تلهو بِلَيْلِهِ
موائدُ يرعَى مَكْرَهُنَّ التَّبَلُّدُ
تَراقصنَ، لَكنَّا كفاءٌ لصَوْلَةٍ
بها الحقُّ يسمو و الجَمَالُ يُغرِّدُ
ليبقَى لنا السودانُ حِصنَ كرامةٍ
و يبقى له منكَ العَطَاءُ المُخَلَّدُ
سلاماً على مسرَاكَ طابَ مثابُهُ
و طِبَت به سيراً إلى اللهِ يحفِدُ
أخوك : خالد فتح الرَّحمن
الرباط
أكتوبر ٢٠٢٢