حينما استُخدمت الكلاب كسلاح حربي في الحرب العالمية الثانية
“استخدام الكلاب كسلاح حربي في الحرب العالمية الثانية انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والحيوان”
في الحرب العالمية الثانية، لجأت الأطراف المتصارعة إلى ابتكار وسائل غير تقليدية لتحقيق التفوق العسكري. ومن بين هذه الوسائل، كان استخدام الاتحاد السوفيتي للكلاب كأدوات حربية لتدمير الدبابات الألمانية. ومع أن هذه التكتيكات قد حققت نجاحاً عسكرياً محدوداً، إلا أنها أثارت العديد من التساؤلات الحقوقية والأخلاقية حول استخدام الحيوانات في النزاعات المسلحة، وممارسات تضعف كرامة الإنسان والحيوان.
في عام 1941، طورت القوات السوفيتية خطة لتدريب الكلاب الجائعة على البحث عن الطعام تحت الدبابات. ثم تم تزويدها بمتفجرات تُفجر عن بُعد أو عبر آلية ميكانيكية. وفقاً للتقارير السوفيتية، تمكن هذا التكتيك من تدمير نحو 300 دبابة ألمانية أثناء الحرب. ومع ذلك، عانت الكلاب، وأحياناً القوات السوفيتية نفسها، من خسائر كبيرة بسبب سوء التنفيذ.
استخدام الكلاب بهذه الطريقة يعكس استهانة بكرامة الإنسان والحيوان على حد سواء. من منظور حقوق الإنسان:
فالقوانين الدولية للحروب والنزاعات المسلحة، مثل اتفاقيات جنيف لعام 1949، تؤكد على ضرورة احترام الكرامة الإنسانية وحماية المدنيين وحتى الجنود من وسائل القتل العشوائي. بينما لم تتناول الاتفاقيات بشكل مباشر استخدام الحيوانات، إلا أن القيم الأخلاقية التي تستند إليها تعارض استغلال الكائنات الحية لأغراض عنيفة.
*حقوق الحيوان:
ف الإعلان العالمي لحقوق الحيوان (1978) ينص على أن الحيوانات يجب ألا تُستغل لأغراض غير إنسانية أو تؤدي إلى معاناتها.
كما ان تجويع الكلاب وتدريبها على القيام بمهام انتحارية ينتهك حقها في الحياة والعيش بكرامة. هذه الممارسات تعكس تجاهلاً صريحاً لمبادئ الرفق بالحيوان، التي أصبحت اليوم جزءاً من الأطر الأخلاقية والقانونية في العديد من الدول.
القوانين الأممية ضد الألغام والأدوات العشوائية، فان استخدام الكلاب كأدوات تفجير يتعارض مع اتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة (CCW) التي تحظر استخدام وسائل قتالية تؤدي إلى معاناة غير مبررة أو إصابات عشوائية. هذه الممارسات لا تضمن دقة الاستهداف وقد تؤدي إلى أضرار جانبية، بما في ذلك مقتل المدنيين والجنود السوفييت أنفسهم.
*الإحصائيات ذات الصلة
وفقاً لتقرير صادر عن الصليب الأحمر الدولي، قُتل حوالي 50 مليون شخص خلال الحرب العالمية الثانية، منهم ما يزيد عن 27 مليون من الاتحاد السوفيتي وحده. استخدام وسائل غير تقليدية، مثل الكلاب المتفجرة، يعكس مدى يأس الأطراف المتحاربة في تقليل خسائرها.
تقارير معاصرة تشير إلى أن نحو 10 آلاف كلب تم تدريبهم لاستخدامهم في هذه التكتيكات، مما يعني تدمير آلاف الأرواح الحيوانية لتحقيق أهداف عسكرية محدودة.
*الانعكاسات الأخلاقية والإنسانية
١- استغلال الكائنات الحية لتحقيق أهداف عسكرية يشكل إهانة للقيم الإنسانية والأخلاقية التي تُعززها قوانين الحرب الدولية. هذا التكتيك عرّض الكلاب لمعاناة شديدة، حيث تم تجويعها وإرسالها إلى ساحات المعارك دون وعي منها بأنها ستُقتل فور وصولها إلى هدفها.
٢- أثر نفسي على الجنود، ان مشاهدة الجنود على تفجير الكلاب تركت أثراً نفسياً دائماً، ليس فقط على الجنود السوفييت، بل أيضاً على الجنود الألمان الذين أُمروا بإطلاق النار أو حرق الكلاب باستخدام قاذفات اللهب.
٣- انتهاك القيم الإنسانية ، فيما كان الهدف هو تدمير الآلة العسكرية الألمانية، أظهرت هذه التكتيكات مدى ابتعاد الأطراف المتصارعة عن قيم الإنسانية في سبيل تحقيق النصر. هذا يسلط الضوء على الحاجة إلى تطبيق صارم للقوانين الدولية التي تمنع استخدام وسائل غير أخلاقية في الحروب.
*الدروس المستفادة والممارسات الحديثة
اليوم، تتبنى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي معايير صارمة في التعامل مع الحروب والنزاعات المسلحة. مثال على ذلك:
• اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام المضادة للأفراد (1997) التي تحظر استخدام أي وسائل قتالية عشوائية.
• تعزيز القوانين الوطنية والدولية لحماية الحيوانات من الاستغلال.
وفي النهاية اود ان اشير الي إن استخدام الكلاب المضادة للدبابات في الحرب العالمية الثانية كان يعكس المدى الذي وصل إليه البشر في هذه الفترة من اجل الانتصار العسكري في حرب هي في الأصل تدميرية ودموية للإنسانية ومخربة للحضارة ، حتى وإن كان ذلك على حساب كرامة الكائنات الحية. كما ان مثل هذه التكتيكات تظل دروساً مؤلمة من الماضي، تدعو إلى الالتزام بالقوانين الدولية لضمان أن تبقى الحرب أقل وحشية، مع احترام الكرامة الإنسانية وحقوق الكائنات الأخرى.
وهذا ما نحاول كفريق في مؤسسة بيكسولوجي التوعية عنه .
*مصادر وإشارات مرجعية:
1. اللجنة الدولية للصليب الأحمر: اتفاقيات جنيف وتاريخها.
2. الأمم المتحدة – حقوق الإنسان في زمن الحرب: حقوق الإنسان في النزاعات المسلحة.
3. المنظمة العالمية للرفق بالحيوان (WAP): إعلان حقوق الحيوان.